الذرة بنيتها وتوزع الالكترونات
تتكون الذرة من نواة مادية مشحونة بشحنة موجبة، وتختلف شحنتها باختلاف العنصر بحسب رذرفورد، ويدور حول نواتها عدد من الالكترونات السالبة الشحنة بحيث تكون شحنة الذرة ككل معتدلة كهربائياً، وبتعادل القوة النابذة الناجمة عن الدوران مع القوة الجاذبة ما بين النواة والالكترونات تبقى الذرة في حالةٍ مستقرة.
وبدراسة الإشعاعات الصادرة عن الذرات تحت تأثير درجات الحرارة العالية أو تطبيق الشرارات الكهربائية وبالتالي الطيوف الناتجة عنها بعد تهيجها تبين أن الالكترونات تتوزع على طبقاتٍ الكترونية وفق نظام منضبط، وتُصْدِر الإشعاع بسبب انتقال الالكترونات من سويةٍ طاقيةٍ إلى أخرى بحسب العالم بور، وهكذا تم اعتماد مجموعة من الأرقام والحروف التي توصف كل ذرة مع مجموعة الكتروناتها التي تتوزع على الشكل:
1- العدد الكمّي الرئيس n: يعين هذا العدد سوية الطاقة الرئيسة التي يوجد فيها الالكترون، وبالتالي البعد الأكثر احتمالاً من النواة، ويأخذ الأرقام من واحد إلى سبعة (n= 1,..7)، ويُرمزَّ لها بالأحرف وفق التسلسل: (K, L, M, N, O, P, Q). ولكل طبقةٍ من هذه الطبقات قدرة استيعاب أعظمية من الالكترونات وفق العلاقة 2n2.
2- العدد الكمي الثانوي l: تحوي كل طبقة رئيسة مداراتٍ فرعية تأخذ القيم (0, 1, …, n-1)، فعندما تكون (n= 1) تكون قيمة (l= 0)، ويكون المدار دائري الشكل، وبالتالي فنحن أمام أربعة مدارات ثانوية تأخذ التسميات (s, p, d, f)
3- العدد الكمي المغناطيسي m: يفيد هذا العدد في تعيين الاتجاه الفراغي للمدار حول النواة، ويأخذ قيماً محدودة تابعة للعدد الكمي الثانوي التي تتراوح بين (+l –l…0…).
فعندما تكون (l = 0) فإن (m = 0)، أي أنه يوجد مدار واحد كروي عديم الاتجاه. وعندما تكون (l = 1) فإن m تأخذ القيم: (m= 0 و m= +1 و m= -1)، وبالتالي يكون هناك ثلاثة مدارات من النوع p، يتباين اتجاهها الفراغي بحيث تقع على محاور الجملة الديكارتية الثلاثة، أي px, py, pz.
في حين أنه عندما تكون (l= 2) فتأخذ m القيم (-2, -1, 0, +1, +2)، أي أن هناك خمسة مدارات. وأخيراً وعندما تكون (l= 3) تأخذ m القيم (-3, -2, -1, 0, +1, +2, +3) أي أن هناك مدارات سبعة.
4- العدد الكمي للف الذاتي ms: يعين هذا العدد جهة دوران الالكترون اللف الذاتي حول نفسه، ويأخذ القيمتين (± 1/2)، وبحسب العالم السويسري بولي فإن كل مدار يتمتع بالأعداد (m, l, n) لا يتسع إلا لالكترونين فقط، ويدور كل منهما بعكس جهة دوران الآخر، ونستنتج بالتالي بأنه لا يمكن أن نجد الكترونين في ذرة لهما الأعداد الكمية الأربعة نفسها.
ونستنتج مما سبق كله أن الطبقة الفرعية s لا تتسع لأكثر من الكترونين، والطبقة p لا تتسع لأكثر من ستة الكترونات كونها لاحتوائها ثلاثة مدارات فرعية، والطبقة d لا تتسع لأكثر من عشرة الكترونات لاحتوائها خمسة مدارات فرعية، والطبقة f لا تتسع لأكثر من أربعة عشر الكتروناً لاحتوائها سبعة مدارات.
ملء المدارات: تتباين المدارات الالكترونية في سوياتها الطاقية كما ذكرنا سابقاً، لذا يتم ملء مختلف المدارات بحيث تكون الطاقة الكلية للذرة أصغر ما يمكن، لذا تُملأ الالكترونات الذرة بالتدريج بدءاً من السوية الطاقية الأصغر، ويكون ترتيب السويات الطاقية للطبقات الفرعية المنتمية لنفس الطبقة الرئيسة على الشكل: f > d> p> s.
كما تتسلسل الطبقات الفرعية حسب الترتيب الطاقي E من أجل القيم المتعددة للأعداد الكمية n, l على الشكل التالي والذي يمكننا تمثيله بلوحة باولينغ:
1s < 2s < 2p < 3s < 3p < 4s < 3d < 4p < 5s < 4d < 5p < 6s < 4f~5d < 6p < 7s < 5f~6d < 7p
نلاحظ من هذا الترتيب أن سوية طاقة الطبقة الفرعية 3d أعلى من سوية طاقة الطبقة الفرعية 4s برغم أن الطبقة الفرعية 4s تتبع الطبقة الرئيسة الرابعة N، والطبقة الفرعية 3d تتبع الطبقة الرئيسة الثالثة M، ويتم ملء المدارات الالكترونية وفق هذا الترتيب فتحتل الالكترونات بدءاً من ذرة الهيدروجين المدار ذي السوية الطاقية الأقل، ولذلك تبقى الذرة على أكبر قدر من الاستقرار، وبازدياد العدد الذري للعنصر تدخل الالكترونات الطبقات تباعاً حسب تزايد طاقتها.
كما يتم امتلاء المدارات الفرعية في طبقةٍ رئيسةٍ بحيث تكون محصلة عزوم اللف الذاتي للالكترونات أعظمياً بحسب ما يسمى قاعدة هوند، فيبدأ امتلاء المدارات الفرعية جزئياً بالالكترونات الوحيدة المتفقة بعزم لفها الذاتي، ليبدأ بعدها إتمام الامتلاء التام بتزاوج الالكترونات المخالفة للأولى بلفها الذاتي، وعلى الشكل:
وبصورةٍ مشابهة يتم امتلاء الطبقة الرئيسة الثالثة في الدور الثالث من الجدول الدوري وصولاً حتى عنصر الآرغون، وتمتلئ في هذه الطبقة الرئيسة الطبقتان الفرعيتان 3s و 3p في حين تبقى الطبقة الفرعية 3d فارغة، ويعود السبب إلى أن طاقة الطبقة الفرعية 4s من الطبقة الرئيسة الرابعة N أقل طاقة من 3d من الطبقة الرئيسة الثالثة M، وهكذا يحدث بدءاً من الطبقة الرئيسة الرابعة تداخلاً بين السويات الطاقية للمدارات، ففي الطبقة الرئيسة الرابعة يأتي الالكترون التاسع عشر في ذرة البوتاسيوم ليملأ المدار 4s جزئياً وقبل المدار 3d، والالكترون العشرون في ذرة الكالسيوم ليشبع المدار 4s فتصبح بنية الكالسيوم على الشكل:
وتتغير الخواص الفيزيائية والكيميائية للعناصر دورياً تبعاَ لأعدادها الذرية، بسبب تغير بناها الالكترونية وفق نظامٍ محدد يجمع بينها.