تجربة إثبات غرابة الضوء الكمومية من خلال إطلاق الفوتونات في الفضاء
آينشتين مازال مخطئًا هذه المرة.
لقد وضعت الفيزياء الكمومية وجهيها للإختبار مراراً وتكراراً، وفي كل مرة تثبت أنها لا تزال لعنة غريبة.
ذهب علماء الفيزياء هذه المرة إلى إستخدام مسافات طويلة لتقسيم ودمج الضوء باستخدام الأقمار الصناعية قبل اختبار خصائصه الغريبة. وحتى على هذه المسافة الطويلة، إنها لا تزال تعبث برؤوسنا.
لقد أجرى فريق من العلماء الإيطاليين باستخدام إختبار خيار ويلر المتأخر Wheeler’s delayed-choice experiment وهي تجربة فائقة الحجم بغرض توسيع نطاق التجربة من مسافة قياسية تبلغ 144 كيلومترا (حوالي 90 ميلا) إلى 3500 كيلومترا (حوالي 2200 ميلا).
بدون استباق للأحداث، ولكن ربما لا يصبح مفاجئاً أن نتائج التجربة لا تزال صحيحة، وشكل موجة الطاقة التي يأخذها يبدو أنه يعتمد على الكيفية التي ينظر بها العقل الواعي.
لكن الغرابة التي تخلفها مدهشة، لذا دعونا نعود لتاريخ هذه التجربة.
مرة أخرى عندما كانت الفيزياء الكمومية لا تزال في مهدها، توجهت أذكى العقول في عالم إلى الرياضيات لشرح ما لاحظوه في التجربة.
بقدر ما كانت الرياضيات مفيدة، كذلك كانت النتائج عميقة. بعض العلماء مثل آينشتاين اعتبر أن الاحتمالات التي خرجت بها ميكانيكا الكم كانت مؤقتة، وسيأتي يوم ستخرج فيه قوانين أكثر صلابة. نيلز بور على الجانب الآخر إعتبر أن ميكانيكا الكم كاملة في حين أن عقولنا لا تتعامل بشكل جيد مع محاولة التخيل باعتبارها جزءاً صلبًا من واقعنا.
يأتي كل هذا على رأس سلسلة من الأفكار والتجارب الواقعية التي تتم بواسطة الضوء وكذلك كل المواد التي تملك طبيعة مزدوجة كموجة وكجسيمات.
بالنظر إلى تجربة الشق المزدوج: طبيعة الموجة «المرتابة» لجسيمات الضوء تعني أنك لو أعطيت شقين، سوف يمر الضوء من خلالهما قبل أن يصطدم بشاشة في الخلفية، مسبباً نمطًا يتداخل فيه كل مسار مع الآخر.
لو وضعنا أي شيء في مسار الضوء لنكتشف في أي مسار مر الضوء – بشكل حقيقي – لن نرى نمط التداخل هذا. سيصبح الفوتون مثل جسيم أحادي ذو سرعة عالية يمر خلال أحد الشقين.
بور كان يرى أن العجائب قد نزلت إلى مستوى الواقع اعتمادًا على كيفية إجراء التجربة. اعتقد آينشتيان أن هذا الأمر كان بمثابة وهم، لأن التجربة كانت تعني أن حقيقة الجسيمات – موقعها وسرعتها ودورانها بشكل كامل – لا تظهر إلا عند القياس.
لقطع الشك أثبتت العديد من التجارب على مر التاريخ صدق بور.
ولقد ثار سؤال مزعج منذ فترة طويلة، ما الذي يشكل التجربة تحديدًا؟ هل الضوء نفسه كجسيم أو كموجة في اللحظة التي تتفاعل فيها مع أدوات التجربة، أم أن عقولنا نفسها جزء من التجربة.
لقد وضع عالم الفيزياء النظرية الأمريكي جون ويلر طريقة ذكية لاختبار هذا المفهوم منذ 40 عامًا.
ببساطة لماذا لا يمكن خداع الضوء باستخدام تجربة تجبر الضوء على اختيار واقعه، بحيث قبل أن يصطدم بآخر كاشف سيتدخل جهاز آخر بشكلٍ عشوائي للقيام بنظرة خاطفة.
كان هذا هو الأساس لعدد من الإختبارات وصفت بأنها «تجارب اختيار التأخر».
في هذا الإصدار الأخير، قام الباحثون بتقسيم نبض من ضوء الليزر باستخدام مرصد ماتيرا للقياس بالليزر لوكالة الفضاء الإيطالية (ملرو)، لذلك يمكن للفوتون إما أن يأخذ مساراً أقصر، أو أن يرسل في التفاف أكثر تعقيداً.
واندمج المسارأن قبل الوصل إلى قمر صناعي على بعد عدة آلاف الكيلومترات، حيث ارتد الفوتون إلى سطح الكوكب.
بالعودة إلى (ملرو ) مولد الأرقام العشوائي الكمومي – عشوائي بالقدر الذي يمكننا التحصل عليه – اختار ما إذا كان الجهاز قد أخر الفوتونات القادمة أو لا.
إن السماح بذلك يعني أن الباحثين يعرفون المسار الذي استغرقته؛ أي ما يعادل قياسها كجسيم محدد في تاريخ واضح.
إن تأخير الفوتون سيجعل من المستحيل معرفة ما إذا كانت قد وصلت في وقت مبكر أم لا، مما يجعل تاريخها مجهولا.
والأهم من ذلك، أن هذا القرار العشوائي جاء بعد أن انطلقت الفوتونات في رحلتها الواسعة، على بعد آلاف الكيلومترات في الماضي.
ووجد الباحثون أنها يمكن أن تؤثر على ما إذا كان الفوتون ينظر إليها على أنها موجة أو جسيم بعد أن مرت من خلال أجزاء مهمة من التجربة.
كما لو كان القرار العشوائي للسماح للفوتون يمر من خلال جعله يعود في الوقت المناسب واختيار مسار واحد، في حين أن تأخير ذلك يعني أنه لا يزال لديه تاريخ من الاحتمالات، كل منها سوف يتداخل مع كشفها عن طبيعتها كموجة.
هذا لا يحل تماما غموض ما يعنيه موجة تنهار في الجسيمات، أو كيف تتفهمها عقولنا.
ولكن حتى بعد سحب الحصان لمسافة 3500 كيلومتر من البوابة، فإنه لا يزال ينتظر حتى خط النهاية لتحديد أي سباق ركض.
آسف آينشتاين. لا يمكنك الفوز على جميع.