تحرك «أوبك» لاحتواء الخلافات يصعد بالنفط 4 % في يوم
مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع في الأسواق العالمية بتأثير من تحرك من أعضاء في منظمة أوبك، لاحتواء الخلافات الداخلية والدفع في اتجاه نجاح الاجتماع الوزاري للمنظمة المقرر عقده بعد أسبوعين في فيينا، وينتظر أن يضع خطة تطبيق اتفاق الجزائر وتحديد حصة كل منتج في “أوبك” في خفض الإنتاج.
وتنامت الأجواء الإيجابية في السوق فور نشر معلومات عن تحرك داخل “أوبك” تقوده كل من قطر والجزائر وفنزويلا، لتحقيق التوافق وتضييق مساحات الخلاف في مواقف المنتجين، تمهيدا لإنجاح الاجتماع الوزاري في 30 نوفمبر من خلال تحقيق التوافق الكامل بين أعضاء “أوبك” بشأن حصص الدول من الخفض المحتمل في الإنتاج وتفعيل اتفاق الجزائر المبدئي.
وتأثرت السوق سلبا في الأسابيع الماضية بالشكوك في جدية اتفاق الجزائر، خاصة مع تنامي أنباء عن انقسام بين الدول الأعضاء، خاصة في ظل تصميم بعض الدول على طلب الاستثناء من أي خفض في الإنتاج خلال تلك الفترة، ومن هذه الدول إيران وليبيا ونيجيريا، وانضمت إليهم أخيرا دولة العراق.
وفى سياق متصل، قال ل “الاقتصادية” ألان ماتيفاود؛ مدير الأبحاث في عملاق الطاقة “توتال”، “إنه لم يتبق على الاجتماع الوزاري المرتقب لدول منظمة أوبك سوى أقل من أسبوعين، وهذا الاجتماع سيكون تاريخيا ومفصليا في تاريخ سوق النفط الخام، لأنه من المنتظر أن يتم التوافق على خفض الإنتاج لأول مرة منذ ثماني سنوات وبالتحديد منذ وقوع الأزمة المالية العالمية في عام 2008”.
وأشار إلى أنه من الجيد ما فعلته بعض الدول مثل قطر وفنزويلا والجزائر بتكثيف الاتصالات، واحتواء الخلافات وتقريب وجهات النظر لإنجاح الاجتماع الذي تتوافر الرغبة لدى أغلبية الأعضاء في “أوبك”، في أن يخرج بنتائج فاعلة ومؤثرة تدعم استعادة التوازن والاستقرار في السوق، وأنه خلاف ذلك سيكون للأمر تداعيات سلبية واسعة على السوق.
وتمنى أن يقطع اجتماع اللجنة العليا للخبراء في “أوبك” في 21 نوفمبر الجاري الشوط الأكبر في تمهيد الطريق أمام نجاح الاجتماع الوزاري، من خلال تقديم توصيات تعتمد على بيانات وإحصائيات دقيقة عن حجم إنتاج كل دولة وظروف الإنتاج فيها، ومدى قدرتها على تحمل نصيب جيد من خفض الإنتاج الذي من الأرجح أنه سيتجاوز مليون برميل يوميا لدول المنظمة مجتمعة.
من ناحيته، بين ل “الاقتصادية” فرانسيس براون؛ المحلل ومدير المعلومات في وكالة بلاتس للبيانات النفطية، أن الشراكة القوية بين روسيا ومنظمة أوبك، ستسهل التعاون بين الجانبين في الفترة المقبلة، خاصة في مواجهة مشكلة تخمة المعروض التي أضعفت الأسعار وأرهقت الاستثمارات على مدار ثلاث سنوات.
وأشار إلى أن انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب، ستكون له انعكاسات واسعة على العلاقات الروسية الأمريكية خاصة في مجال الطاقة، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يلجأ ترمب إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، وهناك مؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة ستتخذ مواقف أكثر ليونة مع موسكو، ما يسهل تعافي الاقتصاد الروسي ويفعل دوره في ضبط سوق الطاقة والاقتصاد العالمي بشكل عام.
وتوقع أن يلجأ ترمب إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية التي أدت إلى تقييد نشاط واستثمارات شركات النفط الغربية في روسيا، مشيرا إلى أن شركة إكسون موبيل – على سبيل المثال – كانت قد قلصت تعاونها مع “روسنفت” أكبر منتج للخام في روسيا بنحو مليار دولار أخيرا.
من جانبه، أوضح ل “الاقتصادية” فينسنزو أروتا مدير شركة تيميكس أوليو الإيطالية للطاقة، أن هناك مؤشرات أولية عن أن اتخاذ دول معارضة للاتفاق مواقف أكثر ليونة في الاجتماع الوزاري المقبل ل “أوبك”، مشيرا إلى أنه بمجرد تحرك بعض المنتجين للوساطة لتحقيق الوفاق داخل “أوبك” مالت الأسعار على الفور إلى الارتفاع، وهناك كثير مما يمكن تحقيقه خلال الأسبوعين المقبلين.
وقال “إن السوق بحاجة إلى التوازن وإلى مستوى أسعار ملائم لإنعاش الاستثمار وتأمين الإمدادات المستقبلية من النفط الخام”.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة أمس، متعافية من أدني مستوى في عدة أشهر بفعل توقعات بموافقة “أوبك” في وقت لاحق من هذا الشهر على خفض الإنتاج للحد من تخمة المعروض.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 1.68 دولار للبرميل إلى 46.11 دولار، بعد أن بلغ أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند 43.57 دولار يوم الإثنين.
وارتفع الخام الأمريكي الخفيف 1.73 دولار للبرميل أو ما يعادل 3.8 في المائة إلى 45.05 دولار، وبلغ الخام أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر يوم الإثنين عند 42.20 دولار.
ومن المقرر أن يجتمع منتجو “أوبك” في 30 من تشرين الثاني (نوفمبر)، للاتفاق على تقييد الإنتاج. وجرى التوصل إلى اتفاق إطاري بهذا الشأن في أيلول (سبتمبر)، لكن مسؤولين يقولون “إنه تبين أن المفاوضات بشأن التفاصيل صعبة، ويرغب عديد من أعضاء المنظمة في زيادة الإنتاج”.
وقال تاماس فارجا محلل شؤون النفط لدى شركة بي.في.إم أويل أسوشيتس لخدمات السمسرة في لندن، “إن التقارير بشأن دفعة دبلوماسية كي تتوصل “أوبك” إلى اتفاق تدعم الأسواق، الارتفاع قد يستمر لفترة قليلة لكن الصورة الأساسية ما زالت تشير إلى اتجاه نزولي”.
فيما أوضح جينجاي المتخصص في استراتيجيات الأسواق لدى “أي.جي جروب”، أن معنويات السوق تلقت دعما من تقارير بأن منتجين رئيسيين بما في ذلك إيران والعراق يبحثون تقييد الإنتاج.
وتلقت الأسواق دعما أيضا من توقعات بانخفاض إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في كانون الأول (ديسمبر) إلى أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2014 إلى 4.5 مليون برميل يوميا.
وارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، لتواصل تعافيها لليوم الثاني على التوالي من أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، واستنادا إلى تحركات جديدة داخل “أوبك” لإتمام اتفاق خفض الإنتاج قبل الاجتماع الرسمي في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وأنهي النفط الخام الأمريكي “تسليم ديسمبر” تعاملات الإثنين مرتفعا بنسبة 1.4 في المائة، في أول مكسب خلال ثلاثة أيام، ضمن عمليات الارتداد من أدنى مستوى في ثلاثة أشهر 42.19 دولار للبرميل، وصعدت عقود برنت “عقود يناير” بنسبة 0.4 في المائة، بعدما سجلت في وقت سابق من التعاملات مستوى 43.56 دولار للبرميل الأدنى منذ 11 آب (أغسطس) الماضي.
وكانت “أوبك” قد توصلت أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي في الجزائر إلى اتفاق مبدئي حول خفض إنتاجها بنحو 700 ألف برميل يوميا، وأكد المنتجون خارج “أوبك” المشاركة والتعاون مع “أوبك” في حال تفعيل هذا الاتفاق رسميا.
وذكر أحد المطلعين على المحادثات الأخيرة، أن إيران تدرس اقتراحا بتجميد إنتاجها من النفط بالقرب من المستوى الذي تأمله البلاد عند أربعة ملايين برميل، وتعهدت الجزائر بخفض إنتاج المنظمة إلى ما بين 32.5- 33.0 مليون برميل يوميا، نزولا من 33.6 مليون برميل إنتاج المنظمة القياسي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 40.94 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 41.54 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك”، أمس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي، وإن السلة خسرت نحو دولار واحد، مقارنة بالسعر الذي سجلته في نفس اليوم من الأسبوع الماضي، الذي بلغ 41.98 دولار للبرميل”.