تحليل مسرحية بجماليون
تقوم مسرحية بجماليون على الأسطورة الإغريقية الشهيرة وهي قصة النحات الشاب بجماليون الذي وقع في حب التمثال الذي قام بنحته، وقد صاغ الكاتب توفيق الحكيم هذه القصة الإغريقية ببراعته وأسلوبه المميز، حيث تجري أحداث القصة كاملة في مكانٍ واحدٍ وفي مشهدٍ واحد هو البهو الموجود في دار النحات بجماليون، ومن أهم ما يوجد في المشهد هو النافذة الكبيرة في بهو الدار والتي تطل على غابة مليئة بالأشجار والأزهار والنباتات، وفيه أيضًا باب يؤدي إلى داخل الدار، حيث يقع بجماليون في حب تمثال امرأة من العاج صنعه بيديه ويدعي أنها زوجته ويسميها جالاتيا، ثم يطلب من فينوس أن تبثَّ الروح في جالاتيا فتستجيب له وبالفعل يتحول التمثال إلى امرأة حقيقية، ولكن جالاتيا تخون بجماليون وتهرب مع نرسيس فيصاب بجماليون بالحيرة والذهول ثم يطلب أن تعود جالاتيا تمثالًا كما كانت، ثم يشعر بالندم لذلك فيقوم بتحطيم تمثال جالاتيا ويموت بعد ذلك.
قالقصة بمجملها غير واقعية مستندة إلى الأسطورة الإغريقية الشهيرة وتمثِّل مسرحية بجماليون الصراع الأزلي الذي يعترض حياة البشر ويتركهم في حيرة كبيرة تسوقهم في النهاية إلى التعب والضياع والهلاك، وكذلك تصور حالة صراع الفن والحياة وأثره الكبير في جوانب الحياة، وهي مليئة بالكثير من التناقضات التي تعبر عن صعوبة إيجاد مفهوم الكمال في الجنس البشري، فكل شخصية في المسرحية تفتقد إلى الشيء الذي خرجت منه أو انبثقت منه، فمثلًا بجماليون ينتمي إلى أبولون إله الفن والفكر ولكنه مع ذلك يفتقد الجمال وهكذا، وتنتهي القصة بكثير من الألم والمعاناة واليأس والضياع دليل على صعوبة ما كان ينشده بجماليون من كمال، حيث تعبر المسرحية بشكل عام عن حال الإنسان الذي دائمًا ما يطمح ويسعى إلى الكمال وينشده في شتى أمور حياته متعاميًا عن الحقيقة الواضحة والأبدية التي تؤكد أنه من المحال بلوغ الكمال. [٢]