نحو الرقمية
محمد محمود البشتاوي: الأردن
لم ينته الشكل الكتابي الكلاسيكي من الوجود.. ما زال قائمًا، وإن كان تأثيرهُ قد تراجع، لصالح المحتوى الرقمي، الذي أخذ بالتمدد والانتشار، في ظل تفاعل الجمهور العربي اليوم، حال الشعوب في العالم، مع منصات ذات إنتاجات تتجانس فيها أشكال التعبير:
النصية، والصوتية، والمرئية. علاوةً على توظيف الإنفوجرافك.
وربما التراجع الذي سجلهُ الشكل الكتابي الكلاسيكي يعود إلى آلية الإنتاج، وما تحتاجهُ من وقتٍ للطابعة، مقابل المحتوى الرقمي الذي يقوم ببث أي معلومةٍ خلالَ ثوانٍ معدودات، يضافُ إلى ذلك طبيعة المجتمع الذي تغيرت يومياته، وأصبحت تعتمد على السرعة في كل شيء، فالبريد لم يعد مستعملًا إلا في نطاق ضيِّقٍ، يتعلق بالمراسلات الرسمية، وحل مكانه البريد الإلكترونين و(الكاسيت) استبدل بالأسطوانات الرقمية، وسجلات الأرشيف في الجامعات، لم تعد تعتمد على (المايكروفيلم) لأرشفة الصحف والمجلات، وأصبحَ كافيًا وجود أٌقراص صلبة متحركة صغيرة لتخزين أرشيف الصحف، والمجلات، بل والمكتبات.
هذا التحول في نمط الحياة نحو السرعة، وفي ظلِّ التقنية كأداة فعالة لتحقيق ذلك، دفع منتجات الشكل الكتابي الكلاسيكي نحوَ الاستفادة من تطور وسائل الاتصال، فأصبحت الصحف والمجلات تتجه نحو رقمنة محتواها بالتزامن مع النسخة المطبوعة، والكتاب المنشور ورقيًّا أعيد إنتاجه في محتوى رقمي كملف صوتي، وفيديو مرئي قد يتضمن عرضًا لأهم ما جاء فيه، علاوة على النسخة المصورة (بي دي إف).
ربما من المهم، أن نشير هنا، أن (قارئ) اليوم للأسف خامل، وليس لديه (ما يكفي من الوقت) كي يراجع الموسوعات والمؤلفات المطبوعة، وأن يجلس لبضع ساعات في البحث والقراءة، ومردُّ ذلك أن الفيديوهات القصيرة، وبمدد زمنية لا تتجاوز الدقيقتين، أكثر قبولًا لديه، فهي لا تتطلب من المتلقي عناء القراءة المتواصلة لمقال أو تقرير أو حتى خبر، كما أنه يتضمن عاملًا مهمًا، ومؤثرًا يتعلق بالمشهد البصري والصور، الذي يعد أكثر تأثيرًا من منتجات الكتابة المطبوعة، فيما تشكل التدوينات القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي محتوى للتفاعل السريع مع الجمهور المتلقي الذي يجد في هذه التدوينات متابعة حثيثة وآنية ليومياته وما يدور في المجتمع من أحداث.