تفاؤل ألماني باستمرار التحسن في سوق العمل
توقع مختصون اقتصاديون في ألمانيا استمرار تحسن الأوضاع في سوق العمل في أكبر اقتصاد أوروبي خلال آب (أغسطس) الجاري.
وبحسب استطلاع أجرته وكالة الأنباء الألمانية بين مختصين اقتصاديين تابعين لكبريات المصارف الألمانية، فقد أعرب هؤلاء المختصين عن تفاؤلهم حيال الأوضاع في سوق العمل في ألمانيا، على الرغم من الارتفاع الطفيف في أعداد العاطلين هذا الشهر مقارنة بالأشهر الماضية، والاضطرابات الناجمة، عن أزمة اللاجئين، وقرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأعرب المختصين عن اعتقادهم بأن تأثير ركود الصيف في سوق العمل في آب (أغسطس) الجاري جاء أقل قوة بشكل ملحوظ مقارنة بما كان عليه الحال في السنوات الماضية، يأتي هذا، فيما تسجل حركة التوظيف لدى الشركات تباطؤا خلال العطلة الصيفية وهو ما يؤدي في العادة إلى زيادة أعداد العاطلين في فترة منتصف العام، ويطلق على هذه الظاهرة ركود الصيف.
ووفقا لتوقعات هؤلاء المختصين، فإنه من المتوقع أن يبلغ عدد العاطلين عن العمل في البلاد في آب (أغسطس) الجاري 2.683 مليون شخص بزيادة بمقدار نحو 22 ألف شخص مقارنة بتموز (يوليو) الماضي.
وعلى أساس سنوي، فإن هذا العدد يمثل تراجعا لأعداد العاطلين بمقدار نحو 110 آلاف شخص مقارنة بذات الشهر من العام الماضي، ومن المنتظر أن تعلن الوكالة الاتحادية للعمل عن الأعداد الرسمية للعاطلين عن العمل في البلاد الأربعاء المقبل.
وكانت بعض الولايات الألمانية قد قامت بالاستغناء عن آلاف المعلمين في ألمانيا من الذين كانوا يعملون بعقود محددة المدة خلال العطلة الصيفية في العام الماضي.
وارتفع عدد المعلمات والمعلمين العاطلين عن العمل خلال شهر آب (أغسطس) إلى نحو 11100 شخص، وكانت وكالة العمل الاتحادية في ألمانيا قد ذكرت في كانون الثاني (يناير) الماضي أنها سجلت نحو سبعة آلاف معلم عاطل عن العمل خلال أشهر العطلات الصيفية على نحو يزيد على ما تم تسجيله في الأشهر التي ليس بها عطلات.
وذكرت الوكالة حينها أن السبب في ذلك يرجع إلى العقود محددة المدة. ومن جانبها، انتقدت نقابة التربية والعلوم “جي إي دابليو” في ألمانيا ذلك ووصفته بأنه “أمر مشين”، وليس هناك أعداد متوافرة عن الوضع في العطلة الصيفية لعام 2016 حتى الآن.
ورفعت “الوكالة الاتحادية للعمل”، معدل البطالة في ألمانيا مجدداً من 5.9 إلى 6 في المائة، وأبدى رئيسها فرانك يورجن فايزه ارتياحه لنتيجة الشهر الماضي، معتبراً أن البطالة انخفضت مقارنة بالصيف الماضي، في حال عدم الأخذ في الاعتبار العمل الظرفي الموسمي في فصل الصيف.
وأكد فايزه تفاؤله بأن الوضع الجيد في سوق العمل سيستمر، وبعدما أشار إلى أن عدد المشمولين بصندوق التقاعد واصل ارتفاعه، لفت إلى أن الشركات الألمانية تتابع التفتيش عن مزيد من العاملين خصوصاً في قطاع الخدمات.
إلى ذلك، رأى مختصون أن سوق العمل الألمانية أصبحت الآن مشبعة باليد العاملة، خصوصاً بعدما توقف الطلب في نهاية الشهر الماضي، على مزيد من الكفاءات الألمانية المطلوبة للاهتمام بشؤون اللاجئين وتعليمهم وتدريبهم مهنياً.
ورغم قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، رأى المختصون أن وضع سوق العمل في البلاد لن يتأثر سلباً، وسيبقى جيداً في حال لم يتسبّب خروج بريطانيا بمتاعب كبيرة لها، علماً بأن عدداً من المختصين الألمان والأوروبيين يتوقعون بعض الانعكاسات السلبية في كل الأحوال، لكن ثمة صعوبة حالياً في تحديد حجم سلبياتها اللاحقة على الاقتصاد الألماني.
وإلى جانب الزيادات الدورية في أجور العاملين في شركات القطاع الخاص الألماني، قررت الدولة، تطبيقاً لقرار اتخذته العام الماضي، رفع مستوى معاشات التقاعد لمئات آلاف المتقاعدين الألمان بنسبة ملموسة، وسرى القرار منذ الأول من تموز ( يوليو) الماضي، بنسبة 4.25 في المائة للمتقاعدين في غرب البلاد، و5.95 في المائة في شرقها، وهي أعلى زيادة تقر منذ 23 عاماً.
وفي موضوع اللاجئين وسوق العمل، ذكرت وكالة العمل الاتحادية أنه بفضل الإدارة الحكيمة لقدرات اللاجئين في ألمانيا، نشأت فرص عمل جديدة لهم في الإدارات العامة، وفي مجال الخدمات الأمنية، وشركات البناء وتعليم اللغات من دون أن يعني أن ذلك كاف.
ولا يزال عدد فرص العمل المعروضة التي تعلنها الشركات الألمانية في أنحاء البلاد شهرياً عالي المستوى، وبلغ العرض الشهر الماضي 665 ألف فرصة عمل بزيادة 10 آلاف عن الشهر السابق عليه.
وإلى جانب العاطلين عن العمل الذين يتلقون من وكالة العمل الاتحادية إعانات مالية شهرية لمدة تراوح بين سنة وسنتين، ومساعدة لهم على التفتيش عن عمل جديد، يوجد رسمياً وتحديداً منذ الوحدة الألمانية قبل 25 عاماً، 4.4 مليون شخص يتلقون إعانة مالية تدعى “هارتس 4″، كونهم أصبحوا في سن متقدمة لا تؤهلهم لدخول سوق العمل مجدداً.
ومن بين هؤلاء حالياً أكثر من مليون شخص أي الربع تقريباً، في مثل هذه الوضعية منذ تسعة أعوام، لذا فقد فُصلت هذه الفئة عن جسم العاطلين من العمل منذ زمن بعيد، وهم يتلقون من الدولة الحد الأدنى من المال الذي يؤمن لهم حياة متواضعة إلى حد كبير.