دروس التجربة تكون في الغالب بارزة، فلماذا يعجز كثير من رجال السياسة الذين هم على شيء من الذكاء عن فهمها؟ أجيب عن ذلك قائلا – كما بينت في الفصول السابقة: إن التجربة لا تؤثر في المعتقدات على وجه التقريب، ولما كانت مبادئ زعماءالأحزاب المتطرفة من فصيلة المعتقدات لا من فصيلة الآراء، فإنها تستند إلى دعائمعاطفية دينية لا يقدرون على مقاومتها.وليس للعقل الذي يستشهد به المشتغلون بالسياسة تأثير في هؤلاء، كما أنه لا تأثير له في أنصار أي إيمان، فالحقائق العاطفية أو الدينية هي التي تقودهم جميعا، فهموإن كانوا ذوي سلطان على خطبهم فإنهم لا سيطرة لهم على المحرضات الخفية التيتملي عليهم تلك الخطب.وبعد أن اطلعنا على تكوين الآراء – التي ليس فيها من المعقول سوى الظواهر -تكوينا خفي ا، فإننا لا نحنق على عدم فطنة من أبدوها، فالحقائق التي لا يدركها غير منلا دليل لهم إلا المنطق العقلي تظل خافية على من لا دليل لهم غير المعتقد.