تلك الموعودة…/ أحمد حمدان
كانت خُصلاتها مُذهبة، تُزعِجُ العين شدة لمعانها.
وعيناها تملأُ الدُنيا خضارًا، وكأنك لا ترى سواهما.
كان علي التفكير كثيرًا.. لم يكن الأمر ببسيط.
تَهزني سائلةً: بماذا تُفكر؟
– أتعلمين أني أستطيع تقبيلك دون أن تلامس شفتاي شفتيك؟
– وكيف؟… مستحيل
– لكن أنا أستطيع
– مستحيل.. هذا وهمُ آخر من أوهامك
وبعد أن ألقيت بنظرة على محفظتي العتيقة المهترئة قُلت: إذًا، أتقبلين الرهان على ذلك بعشرين دولارَ؟
قالت متعجبة: موافقة.
– إذًا أغمضي عينيك..
أغمَضَت عينيها… اقتَرَبتُ ببطء شديد وسط انتباهي الشديد لملامح وتعابير وجهها، كانت تبدو ساكنة واثقة وكأن لا شيء يحدث.. أو سيحدث، وأنا أسمع وجيب قلبي تزداد وتيرته مع اقترابي من شفتيها…
قَبلتها..
ولامست شفتاي شفتيها..
فتحت عينيها مُستغربةً متعجبةً وسألت: ماذا حَدث؟ ورعشة لطيفة في صوتها
وبصوت المنتصر أجبت: نعم… تَستَحق هذه القُبلة أن أخسر عشرين دولارَ
فابتَسَمَتْ ابتِسامَة جَميلة خفيفةً وخبيثة
كان من الصعب التنبؤ برد فعلها القادم بعد لحظات..
قالت: هكذا إذًا.. حان دوري الآن، فلتغمض عينيك أنت.
وفي لحظة عصفت ذهني مئات الأفكار والتساؤلات: ماذا؟ أيعقل هذا؟ ستقبلني؟ لم أَعتد عليها هكذا، هي ليست بالشخص الجريء، أهذا هو الجانب الذي لا زلت أجهله عنها؟ يا لها من فتاة، دائمًا ما تفاجئني…
لم أستطع الاجابة على أيٍ من أسئلتي، ولم أبال كثيرًا، فقد كان عقلي منشغل التفكير بالقبلة القادمة..
أَغمَضتُ عينيَّ، وابتسامة طاهرة ترتسم على وجهي وسط تأمل وانتظار مفعمين بالسعادة، وبدا لي كأن الثواني تتحول لساعات طويلة وأنا أنتظر القبلة الموعودة، و…
قاطع تأملي وانتظاري كف يدها الصغير الناعم وهو يضرب وجهي بقوة
نظرت إليها مصدومًا مدهوشًا وهي في ذات الابتسامة الخبيثة
فقالت: “زنخ… بس ذكي”..
لقد صفعتني أنا وتأملاتي وتساؤلاتي
نعم.. لم أعتد عليها هكذا
ودائمًا ما تفاجئني.