جان دارك 1 – 8
في ليلة من ليالي شهر نوفمبر عام 1412، استيقظ أهالي قرية دومريمي في اللورين، على أصوات خيول جامحة، وخرج الفلاحون من بيوتهم، ليستطلعوا جلية الأمر. لقد كان الجو سيئاً للغاية، وكانت الظروف جد قاسية: فالحرب التي جعلت الفرنسيين والإنجليز في صراع دائم على مدى قرن من الزمان، كانت على وشك اجتياح هذا الإقليم أيضاً. ومن ثم وجد أهل القرية، أنه من الأفضل لهم، أن يلتزموا جانب التحفظ.
وهكذا استطاعت مجموعة الفرسان (الذين كان على دروعهم شعار دوق أروليان، شقيق ملك فرنسا) أن تصل، بدون إزعاج أو مقاومة، إلى بيت صغير متواضع بوسط البلدة، كان يسكنه مزارع يدعى جاكوم دارك، مع زوجته إيزابيل؛ وهناك وأمام هذا المنزل المتواضع، توقف الفرسان. ويؤكد بعض المؤرخين، أنه كان على هؤلاء الفرسان، أن يقوموا بمهمة إخفاء طفلة من دم ملكي في هذا البيت الفقير، وأوضحوا أنها كانت ابنة ملكة فرنسا إيزابيل، زوجة شارل السادس من عشيقها لويس من مدينة أورليان.
واليوم، وبعد أكثر من خمسة قرون، لا يزال أصل جان دارك معلقاً بين الواقع والقصة، إذ عندما بدأت جان تدخل التاريخ، عرفت، على الأقل رسمياً، بأنها ابنة جاكوم وإيزابيل دارك.
ومع هذا، فقد وصفها المؤرخون والكتاب، بأنها شيء آخر إلا وجه الفلاحة الصغيرة. فخطوط الوجه دقيقة، والشعر رائع جميل، والصوت رقيق هادئ، معتدلة في مشيتها كل هذه السمات تدل على أنها من أصل طيب ورفيع، بالإضافة إلى أنها لا تعرف القراءة ولا الكتابة، وأنها عاشت حياة بسيطة في قريتها، مثلها في ذلك مثل الريفيات الشابات في “دومريمي”.