جان دارك 4 – 8
ولم يكن الملك على مستوى المسئولية التي عهد بها إليه، إذ لم يكن في مقدوره، أن يوقف الزحف الإنجليزي المتجه لغزو فرنسا ، كما أنه لم يستطع فرض نفسه على النبلاء الفرنسيين، الذين كان يضطرم فيما بينهم صراع مرير. وكانت الظروف التي تمر بها فرنسا، تحتاج إلى ملك ذي بأس وسلطة، له من القوة ما يمكنه من التغلب على جميع الظروف الموتة.
وكان الملك الشاب شارل السابع على العكس من ذلك تماماً، لأن أغلبية الفرنسيين كانوا آنذاك لا يعترفون به ملكاً عليهم، لأنه لم يتوج في كتدرائية “ريمز” شأنه في ذلك شأن جميع ملوك فرنسا.
وفي السادس من مارس عام 1429، وصلت فتاة دومريمي البسيطة إلى شينون. وعندما دخلت القصر، كان يبدو لها أنها تعيش في خرافة عجيبة، حيث بهو العرش مضاء بحوالي خمسين مشعلاً، وبه حوالي ثلاثمائة من نبلاء البلاط بملابسهم التقليدية ينتظرونها. وفي وسط هذا الجمع، كان شارل السابع يختفي وسطهم بملابس النبلاء. ما إذا كانت هذه الفتاة الريفية ساحرة كما سبق أن أخبروه، إنها ليست كذلك، وما إذا كانت قادرة على التعرف على الملك من بين سائر القوم الذين اختلط بهم عمداً، بعد تجرده من كل دليل، أو إشارة تنبئ بأنه هو الملك. وها هي جان تتجه إليه بدون أي تردد، على الرغم من أنها لم تر الملك قط، وانحنت تحت قدميه وقالت بخشوع: “إني جان ـ أرسلني “المولى” إليك لأعمل على تتويجك ملكاً على فرنسا بعد تحقيق النصر”. ثم اتجهت نحو رجل البلاط المذهولين، وقالت ببساطة متناهية: “لقد أرشدتني سانت كاترين وسانت مارجريت إلى من يكون الملك بين هذا الجمع الغفير”.