جبال الألب
جبال الألب
جبال الألب هي عبارة عن وحدة جغرافية واقتصادية واجتماعية وجزء هام من قارة أوروبا، كما تُشكّل مكاناً معيشيّاً للبشرية والحيوانات والنباتات، وتتميّز جبال الألب بتنوّعها الطبيعي الغني وثقافاتها المختلفة والتي كانت السبب في تطوّرها، وتُعدّ منطقة جبال الألب منطقة جبلية مميزة وخاصة لسِمان السهول المحيطة بها، فهي منبع أساسي للمياه والطاقة المائية، كما أنّها تتميّز بإنتاجها الوفير من الأخشاب والتي تُعدّ أحد المنتجات الطبيعية، بالإضافة إلى الأغذية عالية الجودة، أمّا المناطق الطبيعية ذات التنوع البيولوجي الغني فتُشكّل عاملاً رفاهية هام لمواطني أوروبا، وتمتدّ سلسلة جبال الألب على نحو 8 دول، ويعيش فيها نحو 14 مليون نسمة، أمّا زوارها فيبلغون ما يقارب 120 مليون زائر سنوياً، وداخل جبال الألب نحو 4,200 كم من الطرق الرئيسية، ويُقدّر عدد السيارات التي يتم قيادتها على الطرق المُقوّسة داخل الجبال نحو 6 ملايين سيارة، أما من ناحية الثروة النباتية والحيوانية فتحتوي جبال الألب تقريباً على 13,000 نوع من النباتات، كما تحتوي على ما يُقارب 30,000 نوع من الحيوانات، وفيها 550 محطة كهرومائية تُنتِج سنوياً ما يزيد عن 10 ميجا واط، وتعبر الجبال نحو 190 مليون طن من البضائع سنوياً عبر الطريق البري. موقع جبال الألب
جبال الألب هي عبارة عن جزء صغير من سلسلة جبليّة مُتقطّعة مُمتدّة من جبال أطلس في منطقة شمال إفريقيا عبر جنوب أوروبا وآسيا إلى ما وراء جبال الهيمالايا تقع جبال الألب جنوب وسط أوروبا شمال ساحل البحر الأبيض المتوسط شبه الاستوائي بالقرب من مدينة نيس الفرنسية، وتمتد إلى نحو 700 ميلاً مُتّخِذَةً شكل هلال أو قوس من الساحل الجنوبي الفرنسي بالقرب من موناكو إلى سويسرا، كما تَعبُر شمال إيطاليا والمناطق المجاورة من شمال شرق فرنسا وصولاً إلى النمسا، وتمتدّ جبال الألب عبر سلوفينيا، وكرواتيا، وألمانيا، والبوسنة، والهرسك، والجبل الأسود، وصربيا لتنتهي في ألبانيا على ساحل البحر الأدرياتيكي الوعر، وتقع أعلى نقطة في سلسلة جبال الألب على ارتفاع 4,807كم؛ أي ما يقارب 15,771 قدماً، وتُدعَى نقطة مونت بلانك، وتُغطّي جبال الألب أكثر من 80 ألف ميلاً مربعاً؛ أي ما يقارب 207,000كم2 على مسافة 750 ميلاً؛ أي نحو 1,200كم، أما أوسع نقطة بين غارميش بارتنكيرشن في ألمانيا وفيرونا بإيطاليا، فيبلغ طول الجبال فيها أكثر من 125 ميلاً، وتُشكّل جبال الألب مُستجمَعات لمياه الأمطار لكل من نهر الراين ورون، وبو، بالإضافة إلى نهر الدانوب.
سكان الألب
عاش الناس في جبال الألب منذ العصر الحجري القديم؛ أي منذ نحو 60,000 إلى 50,000 سنة، وقد تركوا مجموعة من القطع الأثرية المختلفة التي تدلّ على وجودهم في أماكن مختلفة من فرنسا والنمسا، وبعد تراجع الأنهار الجليدية في جبال الألب قبل نحو 4000 إلى 3000 سنة، سكن شعوب العصر الحجري الحديث الوديان، وعاشوا في كهوف ومستوطنات صغيرة خاصة بهم كانوا قد بنوها على ضفاف بحيرات الألب، وقد تمّ اكتشاف مواقع كانت مأهولة بالسكان بالقرب من بحيرة آنسي على طول شواطئ بُحيرة جنيف في النمسا، وفي وادي أوستا، ووادي كامونيكا في إيطاليا، وقد وُجِدَ في وادي كامونيكا ما يقارب 20,000 نقش صخري تَشهَد على سكن البشر لتلك المنطقة منذ أثر من 2000 سنة، ومن عام 800 إلى 600 ق.م هوجم سكان العصر الحجري الحديث من قِبَل السلتيك أو الكلت، وأُجبِروا على المغادرة إلى المناطق النائية من الألب، أمّا في الغرب فقد احتلّ الكلت المنطقة التي تقع بمحاذاة فرنسا وسويسرا وإيطاليا، بما فيها المراكز الحضرية الحديثة مثل أوستا في إيطاليا، ومارتيني في سويسرا، وغرينبول في فرنسا، كما دلّت الاكتشافات الأثرية في النمسا على وجود مركز ثقافي للكلت، وتعود هذه الآثار إلى 1000 إلى 500 ق.م. وقد بدأ الكلت بفتح ممرات جبال الألب المرتفعة لفتح طرق خاصة للتجارة، وخلال الحكم الروماني قام الرومان بتوسيع قرى سلتيك القديمة، كما بنوا المدن الجديدة في الوديان التي تؤدّي إلى جبال الألب، بالإضافة إلى بناء المدن داخل جبال الألب أيضاً؛ الأمر الذي أدّى إلى ازدهار العديد من المدن مثل آنيسي، ومارتيغني، وأوستا، كما حسّن الرومان إمدادات المياه، وبنوا المسارح والساحات، وخلال القرنين الثامن والتاسع أصبحت جبال الألب جزءاً هاماً من الامبراطورية الرومانية، أما عُزلَة شعوب الألب فقد تمّ التخلص منها بحلول الثورة الصناعية، وما نتج عنها من إنشاء للسكك الحديدية التي اخترقت جبال الألب عبر الأنفاق.
مناخ الألب
تعزل جبال الألب المناطق الأوروبية عن بعضها البعض، كما تفصل المناطق البحرية الساحلية الغربية في أوروبا عن مناطق البحر الأبيض المتوسط في فرنسا وإيطاليا والبلقان، وتخلق جبال الألب مناخاً مُميّزاً يقوم على الاختلافات في الارتفاع، والموقع المميز العابر لأوروبا من الغرب نحو الشرق، وبغض النظر عن الظروف الاستوائية العامة؛ إلّا أنّ المناطق التي تعبرها جبال الألب تشتمل على معظم الظروف المناخية المختلفة، كما أنّ هذه الظروف المناخية تختلف فيما بينها اختلافاً كبيراً. تتأثر جبال الألب بأربعة مناخات رئيسية، فمن الغرب يتدفق الهواء الرطب المُعتدِل نسبياً من المحيط الأطلسي، ثم ينخفض الهواء القطبي البارد من منطقة شمال أوروبا، أما كتل الهواء القارية والتي تُسيطر على المنطقة الشرقية فتكون باردة وجافة شتاءً، وحارة صيفاً، وفي المناطق الجنوبية فيتدفق فيها الهواء المتوسطي الجاف ويتجه شمالاً، ويتأثر الطقس اليومي لجبال الألب بشكل كبير بالعواصف الإعصارية واتجاه الرياح المارة عبر الجبال. وترتبط درجات الحرارة والهطول السنوي في جبال الألب بعلم الفيزيولوجيا ارتباطاً كبيراً، فمناطق قيعان الأودية تكون أكثر دفئاً من المناطق المُرتفِعَة المحيطة بها، وتهطل الثلوج في فصل الشتاء على جميع المناطق التي ترتفع أكثر من 5,000 قدماً، كما ويغطي الثلج المناطق التي ترتفع أكثر من 6,600 قدماً في الفترة من منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر إلى نهاية شهر أيار/مايو؛ الأمر الذي يعيق الحركة على هذه المرتفعات في تلك الفترة، ويتراوح متوسط درجة الحرارة من -5 درجة مئوية إلى نحو 4 درجات مئوية في شهر يناير/كانون الثاني في الأودية لتصل إلى 8 درجات مئوية في المناطق الجبلية المجاورة للبحر الأبيض المتوسط، أما في شهر تموز/يوليو فيتراوح متوسط بين 15 و24 درجة مئوية، وغالباً ما يُسيطر الضباب على الوديان لعدة أيام متتالية خلال فصلي الخريف والشتاء
اقتصاد الألب
كان الاقتصاد الأساسي لجبال الألب قبل منتصف القرن التاسع عشر يعتمد على الزراعة والرعي بشكل كبير، وعلى الرغم من التخلّي عن المزارع بشكل ملحوظ فيما بعد وخاصة في الوديان المرتفعة من إيطاليا وفرنسا وغرب النمسا؛ إلّا أنّ الزراعة لا تزال قائمة في بعض الوديان الرئيسية والجانبية، ويشتهر وادي رون الواقع في سويسرا بالفواكه والخضراوات المروية لجفاف مناخه، كما تشتهر الوديان ومنحدرات الجبال بزراعة الكروم التي يتم صنع النّبيذ من ثمارها، ويُعدّ التصنيع والتعدين من الدعائم الرئيسية للألب منذ العصر الحجري الحديث؛ حيثُ كان يُستخرَج الحديد من الجبال، كما تم إنشاء مصانع الصلب في أوستا وفي وادي مور بسبب الإمدادات العالية من الحديد والفحم، كما تم إنشاء مصانع الورق التي تستخدم غابات جبال الألب في التصنيع في منطقة جبال الألب الشرقية من النمسا، وأُنشِئَت مصانع المواد الاستهلاكية والمنسوجات في وقت لاحق أيضاً والتي ساهمت في رفع مستوى اقتصاد الألب، أما السياحة فقد كان تطورها من أهم التغييرات التي حدثت في منطقة الألب بعد الحرب العالمية الثانية؛ الأمر الذي زاد من فرص العمل أيضاً.