1من اصل2
بقلم: يسري الفخراني
كل شيء في حياتك قابل لإعادة تدويره مثل أي مهملات فات وقت قيمتها، من محاولات النجاح التي انتهت بالفشل إلى قصص الحب التي انتهت بغضب، ذكرياتنا الحلوة، وذاكرتنا المرة، الصورة القديمة المتبقية في صندوقها، ومضات السماء في ليالي البرد الموحشة، المسافات التي قطعناها من أجل إنسان، (إعادة التدوير).. الحياة المبهجة هي التي يتمكن صاحبها من إعادة تدوير كل تفاصيله؛ لأن هناك قاعدة للبهجة تقول: هناك أشياء نملكها في وقت.. لن نملكها في وقت آخر، وقاعدة ثانية: لا تَعِشْ وسط الفوضى، تخلص دائما من كل الأشياء الزائدة عن احتياجاتك، أو اجعلها صالحة مرة أخرى للاستفادة منها بإعادة تدويرها
تخيل أن صندوق القمامة الذي تلقى فيه بالفضلات هو نفسه الذي يعود لك بكل ما فيه من صور مختلفة لا يمكن الاستغناء عنها: زجاجة حليب، علبة كوكاكولا، لعبة طفل، آي باد، كمبيوتر، آي فون، كرسي لغرفة المعيشة، أطباق وملاعق وسكاكين، ورق تكتب وترسم عليه، طاقة كهربائية، مصباح، حبة تفاح أو طماطم أو برتقال، فنجان قهوة.. يمكنك أن تستمر في الخيال لتعرف أن (ما تتصوره مفجعًا أو مؤلمًا أو بدون فائدة هو نفسه الذي يعود لك لكي يجعل حياتك أكثر سعادة وراحة وبهجة).
هل فكرت مرة في مصير ملابسك بعد استعمالها والتخلص منها، على الرغم من أنها تحمل لنا ذكريات وتحمل من أيامنا بصمات لأحداث مهمة غيرت حياتنا، إلا أن مصيرها مغادرة دولاب ملابسنا إلى جهة أخرى، تنتهي مهما تحملت في رحلة الانتقال من شخص إلى شخص إلى مكان ضخم، تختلط فيه كل الملابس المستعملة منتهية الصلاحية، فتختلط معها أيام وذكريات ورائحة بشر، ثم يضمهم مكبس كبير إلى أكياس، لتبدأ رحلة طويلة في البحر، على ظهر سفينة تذهب بهذه الملابس المهترئة المنتهية من كل مكان في العالم إلى منطقة تتسع لكل ملابسنا القديمة المستعملة، فتذوب في خلاطات ضخمة تعيد صهر النسيج والحصول على خيوط جديدة بيضاء، تذهب مباشرة إلى مصانع نسيج تحولها إلى أثواب من القماش،