«باحت الكريز»، أحب ملامحه وملمسه ومذاقه ومتعتهوبهجته.. قد تتعجب لِمَ أعبر عن شغفي بأحد أنواع الفاكهة الآن؟!، أفسر لك بينما أحتضن وعائي المملوء بالكريز اللذيذ الطازج.
الكريز فاكهة ملهمة لكتابات العديد من الشعراء والأدباء، منهم الأمريكية جوي بيل التي تتخيل الحياة كرحلة في عربة للمترو، تركبها دون أن تعرف الوجوه التي تحيط بك، وقبل أن تلتقط أنفاسك تنطلق داخل أنفاق متشعبة طويلة، وتتحداك الكاتبة إن كنت تملك الجرأة لجلب وعاء مملوء بالكريز فتتناوله بينما تقف وسط هذه الأجواء المظلمة المزدحمة، هل ستتمسك بالاستمتاع بوليمتك اللذيذة بينما أنت ماض في طريقك، أم ستفضل الترجل لتقف على رصيف محطة تختارها عشوائيًا، فقط لتفاجأ بأن أجواءها ليست أفضل حالا؟! إجابتك ستستهوي «جوي» بلا شك، وستنصحك بألا تقضي رحلتك دون أن تستمتع بلذة الكريز، ولا تهتم بعدم معرفتك حقا لمن حولك أو ما يقع من أحداث عابرة لا أهمية لها.. فهكذا الحياة، هي أغلى من أن تضيع دون متعة حقيقية تمنحها الرونق والطعم والبهاء.
رمزية الكريز كمصدر للذة والجمال، جذبت الكاتبة الساخرة إيرمابومبيك حتى قامت بتأليف كتابها الأشهر وعنوانه «إن كانت الحياة وعاء مملوء بالكرز فماذا أفعل بالبذور!»، فهي صاحبة تأملات مثيرة لما قد تغيره بحياتها إن منحت فرصة للعودة بالزمن إلى الوراء، حيث تمنت تنقيتها من القلق غير المبرر، لتفسح المجال أمام حواسها لترى وتستمتع بتفاصيل حياتها اليومية، كالجلوس على أريكتها الثمينة وإضاءة شموعها المنعشة، وتركها للنوافذ مفتوحة، وقضائها الوقت في المرح على الحشائش، وإنصاتها بتركيز لقصص أجدادها، وتناولها لأكلتها المحببة مع عائلتها.
تلك الأفكار المفعمة بالشغف وحب احياة قد تفلتها من بين يديك لأجل ما قد تظنه عاجلاً أو مهمًا، بينما هي خزائن سرية للمتعة، تنتظرك لتفتحها فتمنحك السعادة ببساطة غير مشروطة، عليكفقط أن تحافظ على الإناء ممتلئًا بالكريز الطازج دائمًا.
سوسن مراد عز العرب
