حب طائفي
ذات يوم بيروتي هانئ، افرد ذراعيه لمعانقة الصيف والترحيب بابتسامة مدينتهما البحرية،اسرّ لها ان قلبه وعقله وحياته كلها باتت تدور حول فلكها الملائكي، وان جمر حبها قد ازهر في حدائق روحه…حكى لها مرات ومرات ان سيره على شفير الموت اهون عليه الف مرة من فكرة ماكرة سوداء عن لحظة سينتحر فيها لقاؤهما،عن مصافحة اخيرة مرتعشة لأناملها الرقيقة، وعن يد ستلوح له من بعيد مطلقة على روحه رصاصة الغياب.
حاصرها برومانسيته الجارفة،غير انها كانت رومانسية تشتعل بنيران غيرته البركانية، وتحيل صفو ثلاثة ارباع ايامهما الى ساحة اشتباك لفظي اضافية،على هامش الاحتراب الاهلي في مدينتهما.. اشتباك ينتهي بحرد متبادل، وبإجازة عاطفية لا يلبث ان ينتهي مفعولها سريعا في اليوم التالي، حيث يأتيها حاملا قلبه بين يديه، مسالما شفافا، ساكبا في روحها جرارا من الكلام المعسّل، وممجدا ضوءها وحضورها الماسي الذي يشيع الدفء والاطمئنان في اعماقه.. ثم يسحب خيط الكلام فيهمس لها انه يغار من عطرها، وان احمر شفاهها غريمه وانه يحسد مرآتها واكسسواراتها وسريرها وملابسها، وكل خط تماس مع جسدها..وووو..انه عاشقها المكتوب على جبينها، المدبوغ على مسامات جلدها، والملك المتوج في مملكة قلبها..
مضت الايام والسنون وتلك الاسطوانة الغزلية تتردد على شفتيه، كانت عباراته منتقاة بعناية من قاموس المحبين، وممزوجة بإشارات واضحة عن مسعاه لخارطة طريق جديدة لعلاقتهما، تتوج سيرهما معا على درب العشق..ولكن..ذات يوم بيروتي ماطر، لشتاء حزين، وعينين دامعتين لمدينتهما البحرية الجريحة، اسرّ لها بكلمات مرتعشة، واجفة، ان حياته ستتوقف الآن عن الدوران حول فلكها الملائكي، وانه مرتهن للدوران حول فلك طائفي.. قال لها: إنها باختصار فتاة من الطائفة الدرزية..وإن اهله يرغبون بتزويجه من فتاة شيعية !…
إعلامية من أسرة ‘القدس العربي’
26/3/2014