في عصر سلاطين المماليك
3من اصل3
وقد استخدام الإسكافيون جميع أنواع الجلود عدا جلد الخنزير الذي كان محرماً استعماله في هذه الصناعة، فوجدت أحذية من جلد الحمار، والبقر، والماعز، والتماسيح وغيرها، لتناسب جميع الفئات والطبقات.
كما كانت تستورد مصر من بلاد الحجاز الأديم الطائفي، واستعمل هؤلاء المعادن، مثل الحديد والنحاس والفضة والذهب في صناعة الأحذية، ومعها الأحجار الكريمة التي كانت تصنع منها الفصوص التي كانت تلبس في التجاويف الخشبية.
كما استخدموا في صناعة القباقيب عدداً من الأخشاب المتوعة التي تناسب حال المشتري، واستعمل الإسكافيون بجانب هذه المواد الخام عدداً من الأدوات؛ منها المقص والمسلة والمنشار والخيوط المختلفة الألوان والمطرقة والسندان الحديد، والقرمة الخشبية التي يثبت عليها السندان؛ وتتم عليها كثير من عمليات التصنيع، وكان الإسكافي في ذلك العصر يستخدم عدداً من القوالب الخشبية المختلفة كنماذج ليصنع عليها الأحذية، ولاتزال هذه الأدوات يستعملها الإسكافي حتى اليوم.
ولم يقتصر دور الإسكافي على إنتاج الأحذية المختلفة الأشكال والألوان، بل كان يقوم بخياطة وإصلاح القديم منها؛ والذي يطلق عليه في اللغة العامية المصرية “البرطوشة”، وتلميعه بالصبغات الطبيعية والكيميائية، كل حذاء حسب لونه.
وقد تركز هؤلاء الإسكافيون في منطقة الصاغة تجاه المدرسة الصالحية بخط بين القصرين، حيث شكلوا جزءاً من سوق الزجاجيين، ومنطقة الصليبة، وسقيفة العداسين التي عرفت أيام ابن عبد الظاهر بالأساكفة والبندقانيين.
كما كان لهم مكان في الركن المخلق خلف خانقاه سعيد السعداء، ووجد فريق منهم في حوانيت قيسارية السلطان بيبرس الجاشنكير (709/ 708ه)، وظلوا بها حتى عهد المقريزي (ت:845ه / 1442م)، الذي أمدنا بمعلومات مهمة عن الإيجار الشهري الذي يدفعه هؤلاء؛ وهو ما بين ثمانية وعشرة دراهم حسب حالة الحانوت وموقعه، وبالطبع كان الحانوت يشمل في معظم الإحيان مكان التصنيع، ومكان البيع، حيث يعرض الإسكافي ما ينتجه على واجهة محله لجلب الزبائن.
ولم يقتصر وجود صانعي الأحذية على القاهرة، بل وجدوا في كل الأقاليم والمدن المصرية؛ وذلك لأنها من الحرف الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها.