«حركة النهضة بين الإخوان والتونسة».. التباسات الخطاب السياسي وتماسك الأيديولوجيا قبل الثورة وبعدها
كيف يمكن لحركة إسلامية أن تقنع الناس بخطاب وطني في حين أن مرجعياتها الفكرية لا تعترف بالوطن الجغرافي المحلّي ولا تقدّس إلا مفهوم الأمة في شموله الإسلامي؟ هذا السؤال تصدّى للإجابة عنه الباحثان عبد القادر زغل وآمال موسى في كتابهما «حركة النهضة بين الإخوان والتونسة»، («دار سراس للنشر» بتونس 2014). وقد تتبّع فيه الباحثان تعرّجات خطاب حركة النهضة من لحظة تأسيسها سنة 1972 إلى الآن. وفي خلال ذلك، وقفا على مجموعة من التناقضات التي ينبني عليها فكر هذه الحركة وحاولا ردّها إلى أسبابها.
رؤية ثقافية
يقدّم الباحث عبد القادر زغل في كتاب «حركة النهضة بين الإخوان والتونسة» رؤية جديدة في توصيف خصوصية الإسلام السياسي التونسي، إذ يذهب في ذلك إلى التخفّف من منطق الحتمية السوسيولوجية التي تحتكم إليها الدراسات الاجتماعية الحديثة ويعتمد البيئة الثقافية كفاعل هام في تحديد مسارات الفاعلين في تيارات الإسلام السياسي على غرار مسارات رجال حركة النهضة التونسية. واتكاء على ذلك، وجد الباحث في المسار السّياسي للإسلامي راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، امتدادا للمسار السّياسي لنور الدّين بن خضر، أحد مؤسسي الحركة الماركسية «آفاق». حيث يرى أنّ مساريْ هذيْن الرجليْن «ينطويان على بعد كوني تمثله العقيدتان الماركسية والإسلام. كما أنهما يُغلِّبان مفهوم المجتمع أو الجماعة على مفهوم الفرد». ومن ثمة، فإنهما لا يهتمّان بمطلبيْ الحرية الفردية والمواطنة، وهما مطلبان مثّلا من ثورات الربيع العربي أهمّ أسبابها، وقد تجلّى ذلك في رفض المجموعة الاجتماعية إبّان الثورة التونسية وبعدها لما سعت إليه حركة النهضة من تغليب قداسة الجماعة على قداسة.
كاتب تونسي
عبد الدائم السلامي