أ.د/ إسماعيل سراج الدين
كان حسن فتحي مختلفاً عن جيله، فكر وتأمل، كان طموحه عمارة من أجل الفقراء، فكر كيف يصل لعمارة تلبي متطلبات هذه الطبقة من المجتمع المصري، فكان بحثه الدءوب وراء العمارة التقليدية التي تمثل الموروث الحضاري للشعب المصري، ليستخلص منها طرازاً معمارياً يتوافق مع المتطلبات المعيشية للفقراء، فكانت تجاربه في القرنة وباريس والعديد من المشروعات المعمارية في مصر وخارجها. ظل حسن فتحي موضع هجوم وانتقادات علنية من جيله ومن العديد من المعماريين، لكن تصميمه على أن يقدم عمارة مختلفة جعل منه بعد سنوات مدرسة معمارية متميزة، فكنا ونحن طلبة في قسم العمارة بجامعة القاهرة نتردد عليه؛ نستمع له ونتعلم منه، وبعد أن سافرت خارج مصر للولايات المتحدة الأمريكية ظللت على تواصل معه أزوره حين أزور مصر. وجاء منحه جائزة الرئيس من مؤسسة أغاخان للعمارة تتويجاً لجهوده الدءوبة. وتوالت على حسن فتحي الجوائز فكان أول من فاز بالميدالية الذهبية من الاتحاد الدولي للمعماريين (UIA) لكنه ظل متواضعاً يعيش في منطقة القلعة، ويعطي لرواده من علمه لينهلوا منه الكثير إلى أن وافته المنية في 30 نوفمبر 1989، عن عمر ناهز التاسعة والثمانين عاماً. وبعد سنوات من جهوده ومثابرته، عرفنا معماراً اقترن باسم حسن فتحي، لكن من المؤسف أن عمارته لم تصبح للفقراء فقد اختطفها الأغنياء وتلقفتها القرى السياحية؛ ذلك أن العديدين أدركوا أن طرازه المعماري هو المعبر عن الشخصية المعمارية المصرية بكل عمقها التاريخي، وهو الأنسب من حيث مناخها الحار الجاف، ولكن بقى اسمه مقترناً بتلك المبادئ التي اعترفت بها الإنسانية من دعم الفقراء، واستعمال مواد البناء المحلية والالتزام بالمنهج العلمي للتعامل مع البيئة، وغير ذلك من الأفكار التي باتت شائعة بين الناس.
من مقدمة كتاب حسن فتحي- المدرسة والمسيرة