حمير القاهرة 2من اصل2
أما الحمير القاهرية الأرستقراطية فأراها حين أذهب إلى مسجد السيدة نفيسة أو السيدة سكينة ليلة الحضرة، يتوافد علينا واحد بعد آخر –كأنهم المماليك في استعراض– رجال من أولاد البلد يخبون في الشاهاني وشيلان الكشمير، على حمير فارهة قوية تمشي مشية الرهوان، تزيد عن حمير الريف الأرستقراطية بأن شعرها مقصوص في رسوم زخرفية، وعلاوة على البردعة الفخمة، يتحلى الحمار برشمة فضية براقة تهتز فوق صدره، لبعضها أحجبة تقيه شر العين، لجامها مشدود، شكيمته تكاد تمزق شدقي الحمار، وينسكب منهما رغوة بيضاء متماسكة كغزل البنات، يخيل إلى أنهم كانوا يقيسون أصالة الحمار بمقدار طول هذه الرغوة ووفرتها، ومع ذلك فإن نفسي تعافها، وأعجب كيف رضي ابن البلد –وهو صاحب ذوق رقيق- بهذا المنظر السمج، ثم يتخذ كل منهم مكانه في القهوة وحماره أمامه… ويدخن الجوزة وينفخ الدخان من فمه وطاقتي أنفه إلى خشم الحمار، فأراه ينشقه بلذة كبرى، كالعتاة من أصحاب الكيف، كنت وأنا صبي أحسد الحمار على هذه المتعة المحرمة علي، ولعل هذا هو السر في أنني حين كبرت أصبحت من غلاة المدخنين. وكانت تقوم في بعض الأحيان معارك لفظية قد تصل إلى حد التضارب إذا استهان واحد من أولاد البلد بفضائل حمار منافسه.
عشنا ورأيناهم يركبون الموتوسيكل والحرمة في السيدكار…