خارج الصورة
[caption align="aligncenter"]خارج الصورة[/caption]عندما سمعتُ للمرة الأولى عن فايسبوك تعجّبت من الرغبة في استعراض الخطوات اليومية والأمكنة والمغامرات. لماذا نثقل على الآخرين بأمور يعيشها كلّ منا على طريقته؟ لماذا نقحمهم في شؤوننا، فنطلعهم على خطواتنا السابقة والآتية، وننقلهم إلى أمكنة زرناها ونزورها؟ ثم تعلّقتُ بفايسبوك في مرحلة ما لأسباب مختلفة تماماً. أصبح الموقع مصدر معلومات حول ما يحصل حولنا ولا نستطيع أن نفهمه أو نلمسه من مقالات نقرأها وأخبار «رسمية» تُنقل إلينا أو «تُفرَض» علينا. أيجب أن نعرف أنّ فلاناً في مكان معيّن الآن، أو أنّه انطلق من هذا المطار أو ذاك إلى هذا البلد أو ذاك؟ لكنّ فكرة الاستعراض نجحت. العرض والبوح السطحي والاستعراض كلّها مطلوبة في مجتمعات هذه الأيام، والدليل نجاح إنستغرام، مع الاعتراف بالجانب الفني للتطبيق وبسلاسته. «خارج صورة إنستغرام تعمّ الفوضى حياة كلّ منا»، هذا ما قالته لنا الممثلة الأسترالية المبدعة والمخرجة المسرحية كايت بلانشيت. لطيف أن نتبادل لحظات الفرح، لكن أن نصنعها بالقوة من أجل العرض فقط أمر متعب. الفوضى لا تليق بإنستغرام، والحزن ليس جزءاً من لعبته. حين نشرت الفنانة المصرية شيرين صور حزنها على إنستغرام معبّرة عن حالة حقيقية مرّت بها، وجدت نفسها مضطرة للتراجع عنها، وتناولت التعليقات شكل شيرين من دون ماكياج وألوان. نعم، كنا أيام الكاميرا «التقليدية» نتموضع لعدستها باسمين بالقوة أحياناً. كان المصوّر مخرجاً، وكانت الصورة مشهداً تمثيلياً صادقاً وقصيراً جداً. لم تكن الصورة بعد أداة ترويجية تعد بالشهرة غيرَ الموهوبين، وما كانت حياة كثرٍ موزّعة بين مواقع وتطبيقات. بلانشيت لخّصت ثقافة الاستعراض والنرجسية بجملة ذكية. ليت «الفيلتر» موجود خارج التطبيق وصوره لنمحو به «شوائب» أيامنا.
]]>