خرافة القرار الروتيني والإجرائي :
سلم درگر بأن الاستجابة الروتينية أو الإجرائية ليست من الناحية النوعية أحد أعمال صنع القرار ، بل هي في
أحسن حالاتها قرار مبرمج لأنها تقوم على أساس سياسة سابقة . لعلنا نجد قراراً حقيقي اً اتخذ عندما تم وضع
سياسة الشركة الأولى ، ولكن الاستجابة تطورت إلى منعکس شرطي بعد أن أصبح الاختيار الأصلي
سياسة ، أي أنها أصبحت عادة أكثر منها ابتكاراً بعد أن تبرمج الخيار في الدماغ . القرار في إحدى صوره
آلية تخزين أو تشغيل موجودة في الجهاز العصبي . استشهد دركر في إحدى محاضراته باختيار هوبسون
Hobson باعتباره أفضل صور القرار الإجرائي المشهورة ، وهو صاحب اصطبل انكليزي لا يسمح باختيار
الأحصنة في حظيرته إلا على قاعدة الحصان الذي يدخل أولاً يخرج أولا ً وبذلك لا يترك لزبائنه خيار اً .
سياسة إجبار الزبائن على اختيار الحصان الذي ظل مرتاح اً أطول فترة ممكنة أو لم يتمتع بفترة راحة أبدا ً
كانت قرارا ً أصيلا ً ، ولكن قرارات الاختيار اللاحقة أصبحت روتينية .
هناك تشبيه آخر في شركة الأعمال في مجال تنفيذ عملياتها ، حيث فرضت السياسات عمليات مثل الجرد
وعلاقات العمل وسفريات العاملين ، فتحولت هذه السياسات بعد أن ترسخت إلى جزء من القواعد والأنظمة
في حضارة الشركة . أصبح نموذج صنع القرار الأساس عند المدراء التنفيذيين تکرارياً وروتيني اً ، باستثناء
عدد قليل من القرارات التي تتطلبها استقلاليتهم الذاتية المحدودة . أكد در گر في مناقشته لملامح هذا النموذج
اللاحقة أن القرار يخلو من الأخطار التي يتم بها الحكم ، فالمدير الذي لا يعرف القواعد لا يصنع قراراً
أصيلا ً .