خواطر حول العودة/ أريج صباغ- خوري
نستطيع أن نعود كل يوم إلى البيت نستطيع أن نعود إلى عملنا كل صباح من جديد نعود الى تفاصيل حياتنا بصغيرها وكبيرها نعود ونعود ونعود… جميع العودات ممكنة إلا عودة اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين.. العودة التي اصبحنا نسميها حلم العودة اصبحت “حلمًا” لا نعرف اذا كان سيتحقق أم أنه سيبقى مجرد حلم، هذه العودة التي لا نتحدث عنها، ولا ندخلها الى قاموس مفرداتنا نقصيها عنا وعن مجالات تفكيرنا لا ندخلها ضمن تساؤلاتنا فلا نسأل عن تلك البيوت القديمة التي تملأ شوارع حيفا ويافا وصفورية وبيسان وغيرها وغيرها… تلك البيوت التي لا تبعد سوى بضع أمتار عن مكان عملنا، عن بيتنا، عن خطوِنا تلك البيوت التي نمر بها ولا نسأل ولماذا لا نسأل؟ لماذا؟ ألأننا براغماتيون؟ ما هي البراغماتية التي نتحدث عنها؟ لا أريد أن أتحدث عن القومية ولا عن السياسة فأنتم على العموم “لا تحبون السياسة والنقاشات السياسية” أريد أن أتحدث عن الحياة وعن التفاصيل اليومية عن أناس بسطاء كانوا يعيشون في بيوتهم يحبون، يحزنون ويفرحون ينامون ويستيقظون يبكون ويحلمون… وجاء ذلك اليوم يوم رحلوا أو هربوا خوفًا يوم تَهجروا أو هُجِّروا لا يهم فالنتيجة واحدة والحق واحد ما الذي يمنعهم من أن يرجعوا إليها ليحققوا فيها إنسانيتهم ويطفئون نار الشوق التي التهبت في قلوبهم أتساءل ماذا كنت أشعر أنا التي أسكن منذ سنتين في بيتي هذا، ماذا كنت أشعر لو أخرجوني منه عنوةً لو أنني مُنعت من العودة اليه إلى غرفتي وشرفتي وإلى وسادتي التي أحبها ماذا كنتم تفعلون أنتم لو هُجِّرتم من بيوتكم وبلادكم ماذا يفعل هؤلاء الذين بنوْا بيوتهم حجرًا تلو الحجر وعاشوا فيه يومًا بعد يوم وسنين تتبعها السنون أسألكم أنتم ماذا كنتم ستشعرون؟ ماذا كنتم ستفعلون لو حصل لكم الأمر ذاته؟ ولماذا لا تفعلون أي شيء؟ لماذا لا نفعل أي شيء.. ربما تقولون إن البيوت هدمت فأقول: فليرجعوا إلى أحيائهم ربما تقولون إن الأحياء مسكونة فأقول: فليرجعوا إلى بلدهم ربما تقولون إن بلداتهم مسكونة فأقول: فليرجعوا إلى وطنهم نعم فليرجعوا نعم فليعطوْ الحق بأن يرجعوا من نحن من نحن لنتنازل عن أحلامهم باسمهم من نحن لنفاوض على حلمهم من نحن لنفاوض على حقهم في العودة.. فليرجعوا اللاجئون والمهجرون الى بلدهم فلنطالب بعودتهم دون تلعثم فلنعمل شيئا فلنعمل إن شئتم.. براغماتيًا! (الكاتبة هي منسقة مشروع المعلوماتية في “مدى الكرمل”-المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية)