أحدث دراسات النقد الدولي عن أوضاع الطاقة والدروس المستفادة في 176 دولة:
دعم الطاقة يرفع معدلات الاستهلاك ويشجع على تهريب منتجاتها
تنشر مجلة “عالم الكهرباء” دراسة لصندوق النقد الدولي نُشرت في يناير 2013 عن الدروس المستفادة من دعم وإصلاح نظم الطاقة العالمية, بإعداد من فريق خبراء الصندوق برئاسة “بينيديكت كليمنتس”. وتعرض الدراسة أكثر التقديرات شمولاً للدعم الحالي للطاقة في 176 دولة, وتحليلاً لكيفية إصلاح ودعم الطاقة استنادًا إلى أفكار مستمدة من 22 دراسة أجريت على مستوى إقليمي. تتميّز هذه الدراسة بأنها تتضمن أكثر التقديرات شمولاً على الإطلاق للدعم الحالي على الطاقة, بتغطية المنتجات النفطية والكهرباء والغاز الطبيعي والفحم. ويتمثل أحد أهم أهداف الدراسة في التعلّم من التجارب السابقة في مجال إصلاح ودعم الطاقة سواء الناجحة أو غيرها, والوقوف على الخصاص التصميمية الرئيسية التي من شأنها تيسير برامج الإصلاح. وتشير تجارب البلدان من خلال الدراسة إلى أن إصلاح الدعم ينطوي على ستة عناصر أساسية هي:
- وضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الطاقة تتضمن أهدافًا واضحة طويلة الأجل وتحليل أثر الإصلاحات والتشاور مع الأطراف المعنية.
- إعداد إستراتيجية اتصال قوية وتعزيزها من خلال زيادة الشفافية, بالقيام على سبيل المثال بنشر معلومات عن حجم الدعم المقدم وتسجيل الدعم في الموازنة.
- إجراء زيادات في الأسعار على نحو تدريجي يتلاءم مع إمكانية اختلاف تسلسل هذه الزيادات باختلاف منتجات الطاقة.
- زيادة كفاءة الشركات المملوكة للدولة لتقليص دعم الإنتاج.
- اتخاذ تدابير موجهة لحماية الفقراء.
- تنفيذ إصلاحات مؤسسة لمنع تسييس تسعير منتجات الطاقة باستخدام آليات للتسعير التلقائي. بدأت الدراسة بالحديث عن وجود ارتفاع حاد في الأسعار الدولية للطاقة في الآونة الأخيرة دون أن ينتقل أثر هذا الارتفاع بالكامل إلى الأسعار المحلية؛ ما استتبع مطلبات بإلغاء دعم الطاقة تدريجيًا. وارتفعت الأسعار الدولية للطاقة ارتفاعًا حادًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة باستثناء الغاز الطبيعي غير أن الكثير من الاقتصاديات المنخفضة الدخل والمتوسط الدخل أحجمت عن تعديل أسعار الطاقة المحلية لتعكس هذا الارتفاع.
ـ الدراسة تكشف اتجاه الدول لرفع أسعار الكهرباء تدريجيًا للحصول على دعم أنظمة الطاقة.
وينتقل جزء أكبر من أثرها هذا الارتفاع إلى الأسعار المحلية في الاقتصاديات المتقدمة, وإن كانت الأسعار لا تزال دون المستوى الذي يعكس كامل المؤثرات الخارجية السلبية الناتجة عن استهلاك الطاقة على البيئة والصحة العامة والازدحام المروري. وينشأ عن دعم الطاقة طائفة كبيرة من التداعيات الاقتصادية فتؤدي مصروفات الدعم على تفاقم اختلالات المالية العامة, ومزاحمة مجالات الإنفاق العام ذات الأولوية والاستثمار الخاص بما في ذلك في قطاع الطاقة ويؤدي تسعير منتجات الطاقة بأسعار بخسة إلى تشويه توزيع الموارد؛ نظرًا لأنه يشجّع على فرط استهلاك الطاقة ويعطي دفعة مصطنعة للصناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال مما يثني عن خلق فرص عمل جديدة, ويضعف الحافز على الاستثمار في الطاقة المتجددة ويعجّل بنضوب الموارد الطبيعية. ويؤدي الدعم إلى زيادة استهلاك الطاقة مما يشكل ضغطًا على ميزان المدفوعات في البلدان المستوردة للطاقة على أساس يشجّع على تهريب منتجات الطاقة إلى البلدان المجاورة التي تفرض أسعارًا محلية أعلى. ونظرًا لأن أغلب منافع الدعم تعود على الأسر الأعلى دخلاً, تترتب على دعم الطاقة تبعات توزيعية مهمة لا يمكن إدراكها تمامًا في الغالب. وتتأثر الأجيال المستقبلية من خلال نقص مدخلات النمو الأساسية والآثار الضارة لزيادة استهلاك الطاقة على انبعاث غاز الاحتباس الحراري والاحترار العالمي. ويبلغ حجم الدعم العالمي على الطاقة قبل الضرائب مستويات ضخمة تتضمن التقديرات الدعم الصريح المدرج في الموازنة والدعم الضمني خارج الموازنة. ويساير التغيّر في دعم الطاقة إلى حد كبير التغيّر في أسعار الطاقة الدولية. ورغم انخفاض الدعم مع تراجع أسعار الطاقة عالميًا فقد بدأ في الارتفاع مجددًا منذ عام 2009. ففي عام 2011, بلغ الدعم المالي قبل الضرائب 480 مليار دولار أي 2% من مجموع الإيرادات الحكومية, ويمثل النفط والكهرباء اللذين بلغا الدعم عليهما حوالي 44% وتركز معظم الدعم المتبقي في الغاز الطبيعي, في حين أن الدعم على الفحم محدود نسبيًّا ويصل إلى 5,6 مليار دولار. وتمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حوالي 50% من الدعم العالمي للطاقة, وتجاوز مجموع دعم الطاقة 5,8% من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة أو 22% من مجموع ما تركز نصفه في المنتجات النفطية. غير أن متوسط الدعم على مستوى المنطقة يحجب تباينات كبيرة بين البلدان فمن بين 20 بلدًا منها 5% من إجمالي النتاج المحلي أو أكثر. ويرتفع الدعم في هذه المنطقة في البلدان المصدرة والمستوردة للنفط على حد سواء. وساهمت أوروبا الوسطى والشرقية ومنطقة كومنولث الدول المستقلة بحوالي 15% من دعم الطاقة العالمي, مسجلة أعلى نسبة دعم على الغاز الطبيعي على مستوى العالم 36% وبلغ دعم الطاقة 5,1% من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة أو 5,4% من مجموع الإيرادات الحكومية حوالي 95% من الدعم في الغاز الطبيعي والكهرباء وتجاوز دعم الطاقة 5% من إجمالي الناتج المحلي في أربعة بلدان (قيرغيرزستان, وتركمانستان, وأوكرانيا, وأوزباكستان). وتجاوز دعم الطاقة في الدول اللاتينية والبحر الكاريبي 5,7% من دعم الطاقة العالمي مع تركيز 65% من الدعم في المنتجات النفطية وتجاوز دعم الطاقة 5% من إجمالي الناتج المحلي في بلدين (إكوادور وفنزويلا). وفي أفريقيا, جنوب الصحراء, بلغ دعم الطاقة 4% تقريبًا من دعم الطاقة العالمي, أي 5,1% من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة أو 5,5% من مجموع الإيرادات الحكومية مع تركيز أكثر من 70% من الدعم في الكهرباء وتجاوز مجموع الدعم 4% من إجمالي الناتج المحلي في ثلاث بلدان (موزنبيق وزامبيا وزيمبابوي). وبعنوان “الانعكاسات الاقتصادية الكلية والبيئية والاجتماعية”, قالت الدراسة إن دعم الطاقة يؤدي إلى انخفاض النمو من خلال عدد من القنوات. فتتجاوز آثار الدعم على النمو مجرد تأثيره السلبي على أرصدة المالية العامة إلى تثبيط الاستثمار في قطاع الطاقة. إذ أن انخفاض أسعار الطاقة ودعمها قد يؤديان إلى تراجع الأرباح أو تحمل المنتجين خسائر مباشرة, ما يصعب معه على الشركات المملوكة للدولة التوسع في إنتاج الطاقة وينتج عن ذلك عجز حاد في الطاقة يؤدي إلى إعاقة النشاط الاقتصادي.