1من اصل2
في الممرات الجانبية لشوارع وسط البلد العتيقة. وبالتحديد في شارع عدلي أمام المعبد اليهودي، يجذب الانتباه من بين المحال والشركات التجارية، فاترينة زجاجية براقة، تدعوك لتدخل وتكتشف عالم «بابل» الذي تفوح أركانه بعبق الماضي.
بعد الانتهاء من تصنيع الحذاء يعود مرة أخرى «للمكنجي» للتأكيد على الخياطة الموجودة به
«الجزمجي» يقوم بتثبيت الوشوش على القوالب.. وهي المرحلة الثالثة من التصنيع
تزخر شوارع وسط البلد بتراث معماري فريد، شوهت بعضه لافتات المحلات التي يتنافر تصميمها مع معمار المباني، لكن الأمر يختلف في هذا الممر المتفرع من شارع عدلي، إذ يلفت الانتباه التناغم بين واجهة المحل والمبنى الذي يضمه فالإطار الخشبي العتيق للفاترينات واللافتة النحاسية القديمة، تندمج كلها مع معمار المبنى الذي يعلوها.
فاترينة المحل مقسمة إلى قسمين يتوسط أحدهما باب قديم يحمل لافتة «ممنوع الدخول لغير العاملين»، تلك العبارة التي دائماً ما تستدعي الفضول لمعرفة كواليس أي مكان والتي قادتنا لمعرفة حكاية «الإسكافي».
عند عبورنا لذلك الباب القديم استقبلنا المهندس محمود عبد التواب وهو أحد ورثة الحاج عبد التواب «الإسكافي» صاحب ومؤسس المكان، ليروي لنا حكاية واحد من أواخر الأماكن الباقية لصناعة الأحذية يدوياً، والذي تأسس عام 1952 وتنقل بين أماكن عدة في وسط البلد إلى أن استقر به الحال في بداية الستينيات في ذلك الموقع أمام المعبد اليهودي.
في ذلك الوقت كان للأحذية اليدوية مكانة خاصة فلم يكن يرتديها غير أبناء الطبقة الراقية الباحثين عن التميز، إلا أنه مع التقدم وانتشار العديد من الماركات العالمية تراجعت تلك المكانة لتصبح قاصرة الآن على من يبحثون عن أحذية بمواصفات خاصة، الأمر الذي بات يهدد حرفة لها تاريخ بالانقراض.
بعد أن أنهى المهندس محمود عبد التواب، دراسة الهندسة المعمارية، عمل لسنوات في مجال التنفيذ لدى إحدى شركات المقاولات الكبرى، وقضى سنوات أخرى بين إيطاليا وألمانيا،