رُفَاتُ جِلجَامِش

رُفَاتُ جِلجَامِش

رُفَاتُ جِلجَامِش

[كِشْ – بِلْ – كَا- مِشْ]
«الرَّجُلُ الَّذِي سَيُنبِتُ شَجرةً جَديدةً»
مقطع من عمل شعري بعنوان «رفات جلجامش. [كِش ْ بِلْ كَا مِشْ]. الرَّجُل الذي سَينْبِت شجرةً جَدِيدَةِ»
سيصدر العمل عن «دار فضاءات» في عمان.
أَبْجَديّاتُ الْخَلْقِ
ما قَبْلَ السّماءِ.. ما قبْلَ الأرضِ
حِينَ كَانَتِ الآلِهَةُ تَرْعَى الظَّلامَ وَالْكَوَاكِبَ
والأنْوَاءَ وَالمَطرَ والرُّعُودَ…
[I]
حَيْثُ لاَ وُجُودَ لِبَشَرٍ
هَلْ ثَمَّةَ مَا يُفْضِي إِلَى حَشْرِ الْأَرْضِ فِي نَزَقِ السَّمَاء؟
ثَقُلَ عِبْءُ الآلِهَةِ، فَانْفَطَرَ الشَّرُّ
لِتُنازِلَ آلِهَةٌ آلِهَةً،
حيثُ لاَ وجودَ، بعدُ، لِبشرٍ يحملُ عن صغارِ الآلهةِ
شَقاءَهُم:
الْغَيْبُ
وَشُؤُونُ الْمَاءِ،
مَقَالِيدُ الْبَحْرِ،
وَالسَّحَابُ المُنْتَشِرُ فِي أَعَالِي الرِّيحِ،
هِيَ نَهْبٌ لِلْآلِهَةِ الْكِبَارِ.
مَا يَجْرِي فِي أَقْصَى الغُبارِ، لَنْ يَكُونَ سِوَى نَكَدٍ،
وَحَيَاةِ حَفْرٍفي حُقولٍ سادَ تُرابُها وانْتَثَرْ.
وَحْدُهُ «أَنْكِي» نَزَلَ إِلَى ظُلمَاتِ بَيْتٍ سَحِيقٍ
لاَ
أَبْوَابَ
وَلاَ نَوَافِذَ فِيهِ.
لاَ نَهَارَ يَلِجُ اللَّيْلَ
وَلاَ فَتْقَ يَشِي بِضَوْءٍ
مِنْهُ يَخْرُجُ النَّهارُ
أو تَشِفُّ بَعْضُ حُرُوفِهِ.
لِمَ اكْتَفَتِ السَّمَاءُ، مُنْذُ مَا قَبْلَ الْخَلْقِ، بِحَشْرِ العَنَاءِ والكَرْبِ
فِي سَواعِدِ آلِهَةٍ لَمْ تَحْتمِلْ أنْ تَنُوبَ عَنْ آلِهَةٍ خَصَّتْ نَفْسَها
بِالنَّوْمِ فِي عَسَل الغَيْبِ ورَخائِهِ؟
أَيُّهَا الْإِلَهُ الكَامِنُ فِي شُقُوقِ الكَلِماتِ،
في اللَّفْظِ،
فِي الْحَرْفِ،
بَيْنَ فُروجِ اللِّسانِ،
في بَلَلِهِ،
فِي ذَلِكَ النَّغَمِ الَّذِي هُو غِناءُ الوُجُودِ،
وطائِرُهُ الَّذِي يُحَلِّقُ كُلَّ صَباحٍ
فَارِداً جَنَاحَيْهِ بَيْنَ غيْمَتيْنِ،
حتّى لا تَسقُطَ السّماء في كَنَفِ الأرْضِ؛
لِمَ أقَمْتَ مَسَافةً
بَيْنَ مَنْ يَشْقَى،
حَامِلاً عَرَقَهُ فِي زَغَبهِ،
لاَ شَيْءَ يُثْنِيهِ عَنِ الحَفْرِ
وبَذْلِ النّفْسِ فِي مَا يُضْنِي مِنْ شُغْلٍ،
وَبَيْنَ مَنْ يَرْقَى، وَاضِعاً
نَزَقهُ فِي كَفّهِ،
لاَ
شَيْءَ مِمَّا يَجْرِي فِي الأَرْضِ مِنْ شَظَفٍ يَعْنيهِ،
أوْ
تَرِقُّ نَفْسُه لِمَا يَأْكُلَ غَيرُهُ
مِنْ وَهْنِ الحَفْرِ
وعناءِ الدَّمِ وكدِّهِ
مَنِ اخْتَارَ الْأَزْرَقَ لَوْناً لِلسَّمَاءِ،
حَتَّى قَبلَ أنْ تُوجدَ السّماءُ؟
أَلَيْسَ البَنَفْسَجِيُّ أَشْهَى،
لَوِافْتَرَضْنا أنَّ الإلَهَ الَّذِي فَعَلَ هذَا،
رَغِبَ فِي شَنِّ انْشِقَاقِهِ عن غيرِهِ مِنَ الآلِهةِ
الَّتِي لَمْ
تُحَبِّذِ الأزْرَقَ لَوْناً لِلِبَاسِها؟!
قَبْلُ،
كَانَ الْأَزْرَقُ زَهْرَةً
سَلَّمَها «أَنْلِيلُ» ل»نِينْتُو»
الأُنْثَى الَّتِي مِنْ فَمِها خَرَجَ الْإِنْسَانُ.
ظَنّ «أَنْلِيلُ» أنَّ السَّمَاءَ تَكْفِي
لِتُزْهِرَ الأَرْضُ بِالشَّذَى
وَيَفِيضَ الشَّجَرُ بِرَفِيفِ فَرَاشٍ،
هُوَ حُلُمُ الآلِهَةِ حِينَ تَصْبُو
لِسَرِيرِها.
شاعر مغربي
صلاح بوسريف

m2pack.biz