زَهْرَةُ وَدَاَعْ

زَهْرَةُ وَدَاَعْ

زَهْرَةُ وَدَاَعْ

بِذراعينِ مِنْ رُخَامْ
أخرُجُ مِنْ جَنَّةِ عَدَنْ
يُرَافِقُني مَلائكةٌ مُثقلينَ بِاخبَارٍ سَيئّةٍ نَحوَ سَمَاءٍ هَشَّة
كَانوُا
قَبلَ أنْ يَسْقطوا مِنْ أعَالي الفِردَوس
يَنتَظِرونَ رِمَالُ الصَّحراء أنْ تَمُدَّهُم بالتّفَاح.
أخْرُجُ مَعَهُمْ
مُحَاطَاً بِاشْبَاحٍ عُرَاَة أفقَدَهُم الجُّوعُ حَتَّى أسْمَاءهُم
مُتأمِّلاً أنْ لاتَضيعَ منّي فُرصَة الوُصُولِ إلى المَاء .
أخرُجُ وَحْدِي
وليسَ كَمَا إِشتَهى المُتحَاربُون فِي مَدِينَتي القَديمَة
أولئكَ الذينَ مَا عَرَفوا التَّهذيبَ فِي حَياتِهِم
أترجَّلُ مِنْ ذَاكِرةٍ لهَا سَطوةُ الحُقُول عَلى قَامَاتِنَا
مُتوغَّلاً بِما يكفي مِن احتِقَار فِي جَوفِ الحُوت
رُبَّمَا أعثرُ عَلى أَخي ذِي النّون
أومَاتَبقَّى مِن أنَاقَتي
تَحتَ أنقَاضِ مِن خَوَاء.
عَجَزْتُ عَن إِستِعَادِةِ صُورَةِ الغَيم
وطَعمِ الرُّمَّان
وأسْمَاءِ ألأنْبِياء
وأُغْنِياتِ ألأعرَاس
ولِهَذَا حَاوَلتُ كَثيِراً أنْ أسْتَمِيلَ المَوت إلى نَجمَتي
لعَلَّهُ يَستَجِيبُ لِبَلادَتي أمَامَ مُصَادَفَاتٍ آثِمَة.
واجِبَاتي فِي الحَيَاة مَاكَانَت صَفْقَةً مُمَوَّهَةً ضِدَّ الحَيَاة
وَلمْ أكُنْ أحسَبُهَا أشْجَاراً مِن خَزَفْ
إلاّ أنَّها لمْ تَعُد تُفْضي إلىَ دروبٍ كُنتُ أعرِفُها جَيداً.
هَواجِسي الحَميمَةَ وهي تَدنو مِن سَاعَةِ إنطِفَائِها
وأنَا أنْسَرِبُ مِن مَوكِبِ ذَرَائِعي المُتَرَاكِمَة
بَاتَ أمْراً عَاديَّا أنْ يَلسَعَ الغُبَارُ مُؤخِّرَةَ الفَجرِ.
أخرُجُ مِن جَسَدي دُونَ شعُورٍ بِالإفرَاط
أمَرِرُ أصَابِعي عَلى الضَّبَاب
عَلى صُوَرِ الأصدِقَاء
عَلى طَبق البُرتُقَال تَرَكتُهُ وَحيِداً فِي غُرفَة الضُّيوف
أُصْغي لِصَوتِ النَّوَارس يُمَسِّدُ الفَضَاء مُضَرَّجا بِالرَّمَاد
أستَنشِقُ رائِحَةَ الخَطيئَة في نَهر دِجلَة .
في آخِرِ أيَّامِي مَعَهُم
تَوكَّأَ الهَواءُ عَلى عُزلَتِنَا
والتُرَابُ تَيَمَّمَ بالتُرَاب .
كنّا نَحتَاجُ إلى شِتَاءٍ مُثلِجٍ حَتّى نُخْمِدَ أحلامَنَا
وبَينَمَا أودِّعُ أعوَاماً
كَانَ لوُنُهَا كَمَا لوُنُ السَّمَاء
لم يُسعِفْني الوَقت
حتّى أُزرَع عَلى ضِفّةِ النَّهر زَهرَةَ وَدَاعْ .
شاعر عراقي
زَهْرَةُ وَدَاَعْ
مروان ياسين الدليمي

m2pack.biz