سبب إهمال لوبون من قبل علماء الاجتماع المعاصرين 2من اصل3
وقد وجَّه في ذات الوقت ضربة موجعة لذلك التصور عن الطبيعة البشرية الذي ترتكز عليه النظرية الكلاسيكية للديمقراطية والأسطورة الديمقراطية للثورات”
وهناك سبب آخر لإهمال لوبون واحتقاره من قبل التراث الجامعي الفرنسي المعاصر هو تبني أفكاره وتحليلاته من قبل الحركة الفاشية في أوروبا. ولعل ذلك هو السبب الأهم. فعلى الرغم من أن أفكاره قد دخلت إلى إيطاليا عن طريق الاشتراكيين الثوريين إلا أن جماعة موسوليني قد استولت عليها بسرعة واستخدمتها في شعاراتها ودعاياتها. وكذلك الأمر فيما يخص الحركة النازية في ألمانية فقد استخدمته أيضًا لصالحها. ويرى بعض الباحثين أن تأثير كتاب لوبون على كتاب “كفاحي” لهتلر أوضح من أن يشار إليه. صحيح أن أفكاره قد استخدمت في كل البلدان الأخرى تقريبًا من أجل السيطرة على الجمهور والتوصل إلى سدة السلطة، ولكن فقط النظام النازي في ألمانيا والفاشي في إيطاليا هما اللذان اعترفا بذلك صراحة. وهذا ما لوثة كثيرًا وأساء إلى سمعته.
وهكذا إذا ما سألتهم: لماذا تتجاهلون لوبون؟ أجابوك: لأنه فاشي!
ولكن إذا ما أردنا أن نشمل بنفس الحكم مفكرين آخرين شملنا ماكس فيبر وفرويد نفسه. فقد عبرا عن أفكار مشابهة لأفكاره ولم ينعتهما أحد بالفاشية. والواقع أن سوء حظ لوبون يعود إلى أن هتلر وموسوليني كانا من قرائه! وبالتالي فقد أصبحت إدانة صاحب “سيكولوجية الجماهير” سهلة حتى ولو كنا نعرف عن طريق كتاباته أنه يفضل النظام الديمقراطي بكل عيوبه ونواقصه على الديكتاتورية بكل قوتها وصرامتها. فهو يدين كل أنواع الديكتاتوريات بما فيها الديكتاتورية التي يحسبونها عليه: أي الفاشية. وهذا يعني أنهم قد ألصقوا به تهمة لا يستحقها، ومع ذلك فقد مشت وشاعت. فالإشاعة أقوى من الحقيقة كما يقول لوبون نفسه. ويمكن القول، بمعنى من المعاني، أنه قد راح ضحية الحقائق التي اكتشفها. ويعترف الباحث سيرج موسكوفتشي بأنه ما كان سيجرؤ على إعادة الاعتبار لغوستاف لوبون لولا أن كبار المفكرين الأجانب قد سبقوه إلى ذلك.