سراب التحفيز 5من اصل6
قامت ديناميکيات العمل والقيام بالعمل في عصر المعلومات الحديث على حركة المفاهيم والأفكار وليس على
فعل الأشياء وتحريكها . أكد هذا النظام الاقتصادي الجديد على علاقات متبادلة من الثقة والالتزام بين الإدارة
والمستخدمين . لم يكن الخوف متوافقاً مع المسؤولية والتوجيه الذاتي المطلوبين لعمال المعارف لأنه « إذا
أسيء استخدام الإجراءات التأديبية في التسيير فإنها تؤدي فقط إلى الحقد والمقاومة ، ولن تكون إلا مضادة
للتحفيز » .
إذا كان « التلويح بالعصا » قد قضى على التحفيز لأن القوة والمصداقية تنقصه ، فإن فخ الجزرة كان أكثر
إضعافا ً للعمل المهني من الناحية التحفيزية . رفض دركر الافتراض بإمكانية إدارة عمال المعارف ، واعتبر
أن من الذكاء المطلق تأكيد إمكانية إدارة العمل الذي يقوم به عمال المعارف لأن المعرفة اليوم تساوي السلطة .
والحقيقة التي كان الجميع يؤكدونها في الكتب لم تصل إلى حد الصدق .
وعلى ذلك فإن تقنيات التحفيز التقليدية التي تستخدم حوافز الجزر المادي للمكافآت كانت بعيدة كل البعد عن
حقيقة المؤسسات المعاصرة . نظر دركر في هذا المدخل الجشع بمثابة طريقة استغلالية لتوفير الأمان النفسي
ولكنه لم يقل باستطاعتها أن تروج للتحفيز المهني الحقيقي : « لا يمكن شراء المسؤولية بالمال . المكافآت
والحوافز المالية مهمة بالطبع ولكنها تعمل في معظمها بشكل سلبي » . يمكن على سبيل المثال أن يكون
للرواتب العالية وشروط العمل الفاخرة والترقيات الدورية والامتيازات أهمية رمزية ولكن وهمها يمكن أن
يزول حين يصل الأمر إلى التحفيز لأنه « ليس هناك من شيء يمكن أن يخلق السخط أسرع من العنوان
الكبير والمال الوفير وعمل الحمير على صورة ألقاب وتفويضات كبيرة بأعمال ضئيلة عادية ، فذلك يقضي
على الأمل إذ ليس هناك من مفر » .