سرقة العقل

 

سرقة العقل

وليد الرجيب روائي وكاتب من الكويت

فقره2
فقره2
فقره1
فقره1

نعني بسرقة العقل، سرقة نتاج العقل البشري، وسرقة الابتكارات والاختراعات، المستمدة من المعارف والخبرات والمهارات وأرشيف الذاكرة الخاصة، ولا نقصد الاستعارة أو الاقتباس، أو الرجوع إلى المُنجز السابق لأغراض علمية أو تعليمية، أي لا نقصد الاستناد إلى منجزات العلم أو التراث الفكري، فهذا طبيعي لكل منتج أو ابتكار جديد، يستند إلى فكرة من سبقه ليطور شيئاً أو يخلق منتجاً مادياً أو فكرياً جديداً، فالابتكار هو ملكية خاصة للمبتكر، ونتاج خاص من إبداعاته.

العقل ليس هو الدماغ أو المخ بالتأكيد، إنما هو وظائف المخ واستخدامها من قبل شخص معين، وخاصة تلك التي تخرج من العقل الباطن.

والكتاب موضوعنا، هو عصارة ذهن أحدهم أو بعضهم، أي يحوي خبراته الخاصة ومهاراته ومعارفه، إذاً هو ملك لهذا العقل المحدد والمعين، ونسب ذلك لآخرين هو سرقة وجريمة منكرة، لعلها أكثر فداحة من سرقة شيء مادي، كالأرض والمال رغم أهميتهما القصوى. فنلاحظ- على سبيل المثال- أن الغزاة عبر التاريخ يبدأون باستباحة الثقافة بكل ما تعنيه من معنى أولاً، أي النتاج الفكري للمجتمعات، وقد يعمد الغازي إلى تدمير المباني والمنشآت، لكنها جميعاً قابلة لإعادة البناء، إلا الثقافة والنتاج الفكري، فهما ذاكرة الشعوب وخاصيتها في التفكير والسلوك والتركيب الشخصي أو شخصيتها، أو عقلها، إن جاز التعبير، في مكان وزمات معينين، وهذا يعني في النهاية سرقة العقول التي قصدت.

فمثلاً، هولاكو أحرق الكتب وأغرقها في دجلة، وهتلر أحرق النتاجات الفكرية للشعوب، وصدام حسين استهدفت أولاً مكتبة جامعة الكويت، والآثار التي تشكل هوية الكويت، وكل ما يرمز إلى الثقافة والإبداع من مؤسسات ثقافية وعلمية، ونتاجات واللوحات التشكيلية، ويذكر التاريخ أن هتلر عِندما اجتاح الاتحاد السوفييتي،

m2pack.biz