سيمفونية الألوان في معرض نمساوي!
الحياة بما فيها من فرح وألم، تسير بنا في طريق مجهول، ترفعنا إلى السماء حيناً، وتهبط بنا إلى القاع حيناً آخر، تُفائلنا بالمستقبل كي نصحح مسارنا نحو كثير من الطموحات حيناً، وتشائمنا بالإحباطات والأشواك التي تزرع في طريقنا حيناً آخر،
نظرة ووقفة مع ما تحتضنه الحياة والواقع من فرح وحزن وألم، تصرخ بكلمات من ألم المعاني، والكثير من الوقائع المؤلمة عبّر عنها الدكتور فلوريان مسنر في معرضه «سيمفونية الألوان.. تشنجات العالمين الداخلي والخارجي».
مدرسة فيينا
وجوه متباينة الانفعالات، ومختلفة التعابير حرص الفنان النمساوي على تجسيدها في ثلاثين لوحة جمعها في معرضه، الذي افتتحه مؤخراً محمد الحمداي رئيس قسم الفعاليات التجارية بدائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، بحضور عدد كبير من جمهور الفن.
أصر مسنر في لوحاته التي رسمها بأسلوب الواقعية الخيالية، التي تأثر فيها بمدرسة فيينا للواقعية الخيالية وثقافات جزر وسط وجنوب المحيط الهادي وأندونيسيا والمكسيك.. وانعكاس هذه المدرسة على أعماله الفنية بدا في الغوص بأعماق الماضي، واستدعاء الأساطير ونسجها مع الحاضر المعاش في تناغم واحد، يلامس من خلاله الواقع الأليم الذي يعانيه الإنسان من الظلم والعنف والقهر.
ألوان غنية
30 لوحة أبدعتها أنامل الفنان غنية بالألوان والمعنى والتجارب الشخصية، انقسمت إلى قسمين؛ الأول ركز في مضمونه على الالوان، وعبر فيه الفنان عن أسلوبه في تناغم الألوان النابضة بالحياة ومزجها من دون حدود، ساعياً إلى توليف سيمفونية لونية تعكس حقيقة عالمنا بحسب ما يراه ويصفه الدكتور فلوريان بأسلوبه فى استخدام الألوان النابضة بالحياة، والتي يصف لوحاته بأنها ملونة موسيقياً وتعكس حقيقة عالمنا. أما القسم الثاني من اللوحات، وهو الذي أشار إليه القسم الأخير من عنوان المعرض «تشنجات العالمين الداخلي والخارجي»؛ فهي محاولة من الفنان للتعبير عن رؤية تأتي حيث تولد الأحلام.
أساطير
وركز في لوحاته على الوجوه المعذبة التي تفيض ملامحها بالألم واليأس، وأجساد منحنية أو ملقاة أرضاً، ونظرات عيون تلاحقنا، والتي قد نراها في الغابة على جذوع الأشجار. وجسدها في عدة لوحات حملت عنوان “الغابة المسحورة جنوب” وهو ما أدخله في عوالم غريبة تناول فيها الأساطير أحياناً، مثل تلك اللوحة التي تمثل صراع جلجامش مع أنكيدو، كما صور في لوحة أخرى قصة روميو وجولييت ل شكسبير، وقال: إن شكسبير لا يقدم رؤية رومانسية للحب، فهذه النهاية المأساوية بالموت للحبيبين، تدل على أن الكاتب يحذرنا من حب كهذا.
أزهار عملاقة
ففي واحدة منها يرسم الفنان أزهاراً عملاقة، بألوانها الزاهرة ، لكنها تفقد سريعاً جمالياتها عندما تتحول إلى مشانق علقت عليها جثث الضحايا، ولوحة أخرى مليئة بالوجوه التي ترتسم عليها ملامح الألم والمعاناة.
أما لوحة “أحلامنا السيئة”، التي رسمها الفنان بالأكرليك، فعبرت بصدق عن أن كل شي مباح فيها من دون قيود أو حدود، فهناك الشياطين السوداء، وهناك أسماك القرش المفترسة، والكثير من المفردات، التي لا يمكن مشاهدتها إلا عبر الحلم. وهذه الأفكار الغريبة ظهرت عبر لوحات أخرى مثل السحب الداكنة، أقدام ساعي البريد، وغيرها.