شئونه13من اصل16

شئونه13من اصل16

شئونه13من اصل16
شئونه13من اصل16

وفي ذلك العصر نفسه تزوج أناس من ولاة الدول العربية بالعقائل والجواري في الحاضرة والبادية، فكان منهم من تعود عاداتهن من الشراب على الطعام وسوغه لنفسه باختلاف المختلفين في الخمر وأنواعها، وكان أمر هؤلاء ومن شاكلهم يرفع إلى الفاروق قبل خلافة عثمان فيحسمه على دأبه بتأديب من عصى والتنكيل بمن أصر على استباحة الشراب المحظور.

ومن لم يبلغ من ضعفه أن ينقاد هذا الانقياد لم يبلغ من شخصيته الغالبة على ذوي جواره وعشرته أن يصبغهم بصبغته، ويحولهم إلى معيشة كمعيشته، وهذه ميسون بنت بحدل الكلبية من قبيلة نائلة بنت الفرافصة قد تزوجت بمعاوية، وداره إلى جانب دارها، ومقامه في دمشق أقرب إلى باديتها، فلم تلبث أن سئمت مقامها، وعافت القصر الذي تسكنه زوجًة لأمير المؤمنين وأمًا للأمير من بعده، ونظمت أبياتها التي جرت مجرى الأمثال على لسان كل زاهد في مقامه حنينًا إلى مآلف عيشه الأولى، وإن كانت دون ذلك المقام في الرغد والنعيم.

قالت ميسون تذكر القصر والبادية:

لبيت تخفق الأرواح فيه              أحب إلى من قصر منيف

ولبس عباءة وتقر عيني              أحب إلي من لبس الشفوف

وقالت تشير إلى زوجها:

وخرق من بني عمي نحيف               أحب إلي من علج عليف

فما أبغي سوى وطني بديلًا           فحسبي ذاك من وطن شريف

وذلك مع الفارق البعيد بين قصور الشام وبيوت الحجاز، وبين سن معاوية وسن عثمان، وبين ما ترجوه زوجة الخليفة بعد موته وما ترجوه زوجة معاوية وأم يزيد وأم شقيقته، “أمة رب المشارق” وسيدة القصر تكاد أن تنفرد فيه، وأن تغدو وتروح بين الحاضرة والبادية حين تشاء.

هذه لمحة من ملامح “الشخصية العثمانية” لا تهمل في مكانها من سيرته الخاصة، ولعلها أهدى للمؤرخ من شيم كثيرة توضح له خلائقه التي يؤثر بها فيمن حوله، ولا شك أنها تزداد وضوحًا إذا اتضحت معها ملامح الشخصية التي تأثرت بهذا الأثر، وهي السيدة نائلة التي جاءته نافرة تنعي غربتها وزواجها من غير بني عمومتها،

m2pack.biz