شجرة الدر 3 – 6
وعند أقبل الفرنسيون بقيادة الملك لويس التاسع في حملتهم الصليبية، انتقل الملك الصالح إلي المنصورة، لكي يشرف بنفسه علي تدابير الدفاع عن البلاد، ضد الجيش المغير، ونزل الفرنسيون إلي الساحل عند دمياط، حيث أوقعوا بجيوش المصريين، التي تقهقرت أمامهم في غير نظام، حتي بلغت فلولهم مدينة المنصورة. ورغم أن الملك كان مريضا، وكانت العلة قد اشتدت عليه، حتى ألزمته الفراش، إلا أنه بعد أن أتم تحصين المنصورة، أخذ يعد العدة لملاقاة العدو، تعاونه في ذلك شجرة الدر. لكن حياة الملك الصالح لم تطل، فقد لفظ أنفاسه في ليلة النصف من شعبان سنة 647 هـ.
امرأة في ريق الصبا فقدت رجلها … ملكة ذات سلطان توشك أن تنزل عن العرش.. قائد في المعركة قد أحيط به، ويوشك أن يتخلي عنه عسكره .. كل أولئك: الرجل، والعرش، والنصر ثلاثة أهداف بعيدة، يجب أن تحرص شجرة الدر علي بلوغها.
وتجلي دهاؤها في أنها أخفت نبأ وفاة زوجها في تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر. ذلك أنها رأت، أن الجيش لو عرف أن قائدة الأعلى قد مات، لوهن وضعف، وفشا الاضطراب في صوفه، ولاشتد أزر العدو المتربص، إن موت القائد في وسط المعركة، أكبر كارثة يصاب بها جيش محارب .. وتم تدبير كل شيء رسمته شجرة الدر ! .. استمرت الحياة في القصر الملكي في المنصورة، كما لو كان الملك حيا، لم يتغير منها شيء، مما يألفه الناس .. ترفع المكاتيب والأحكام إلي القصر، ليري الملك فيها رأية، ثم تخرج وعليها توقيع الملك برأيه وخطه، وتصدر الأوامر إلي الأمراء، والقادة، ورؤساء الجند، وعليها خاتم الملك وخطه.