صراعات المياه تهدد بزوال قرطاسية أولى الكتابات على الأرض
أقلام القصب الشامخة والتي تعيد لنا أمجاد الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين، تلك التي ساهمت في رسم أولى الكتابات التي ظهرت على كوكب الأرض قبل نحو ثلاثة آلاف عام، “تلفظ” أخر أقصابها نتيجة تناقضات إقليمية وتدخلات لقوى إرهابية.
بغداد — سبوتنيك — نازك محمد
ضربت كارثة بيئة أهوار قصب الكتابة المسمارية السومرية التي نافست بأسبقية الظهور مع الكتابة الهيروغليفية، ودونت ملاحم وحياة التاريخ العراقي القديم، مُهددة بالزوال، وتعرض حياة آلاف العراقيين في جنوب البلاد للخطر.
توقفت منابع المياه عن إرواء أهوار قصب السومريين وألواح البردي التي استخدمت في تدوين التاريخ الإنساني القديم في العراق، ورصدت “سبوتنيك” تشقق أرض الأهوار نتيجة لعطش مُدقع في محافظة ذي قار، التي أنطلق منها حرف الكتابة الأول.
وتعود أسباب الجفاف الذي حول أهوار ذي قار إلى مساحات جرداء والأسماك فوقها نافقة وتسبح فوقها الزوارق الهزيلة، إلى صراع على حصص المياه في المنطقة.
وظهر ذلك جلياً بعد تشييد سد “إليسو” التركي، ما تسبب في نقص كبير للمياه في نهر دجلة، وزادت سيطرة تنظيم “داعش” على سد الرمادي في غرب البلاد في تأزم الأمور.
ولخص مستشار رئيس مجلس محافظة ذي قار لشؤون السياحة والآثار، عامر عبد الرزاق الزبيدي، ل”سبوتنيك”، مطالب حكومة المحافظة، في الحاجة لتدخل المركز والجهات المعنية لوقف إبادة الأهوار.
وقال الزبيدي، “إننا نُطالب بالتدخل بكل جدية، ومعالجة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على سدي الرمادي في غرب العراق”.
وأشار إلى ضرورة تحديد حصص المياه للأهوار العراقية وأماكن التغذية، حيث حصة الأهوار بلغت خمسة مليارات و750 مليون متر مكعب في السنة.
وطالبت حكومة ذي قار المحلية المركز بتأمين حصة عادلة من “ناظم البتيرة” الواقع على بعد 60 كم غرب مدينة العمارة في محافظة ميسان، بما لا يقل عن 20 %.
وبحسب الزبيدي، من الضروري زيادة إطلاقات مياه سدة الكوفة في محافظة النجف بما لا يقل عن 85 متر مكعب للناصرية التي تشهد جفاف أهوارها، وإنشاء سد عملاق في البصرة حتى يمكن تأمين خزين مائي وفير وعدم ضياع المياه في الأهوار.
وشدد الزبيدي على ضرورة الإسراع بإنشاء مخرج مائي للأهوار الوسطى، والتواصل مع الجارة إيران لإطلاق كمية من المياه للأنهار التي تصب في العراق من نهر الكرحة.
وشيدت إيران على نهر الكرحة الذي ينبع من جبال زاجروس ويصب في هور الحويزة أكبر سد في البلاد بسعة تخزين تبلغ 5.9 مليار متر مكعب.
ومن قلب أهوار ذي قار، قال الناشط المدني صادق السهل، ل”سبوتنيك”، إن أكثر من ثلاثة آلاف عائلة مُهددة بالخطر بسبب جفاف الأهوار والبالغ عددها تقريباً 14 هوراً، أهمها “هور الغموكة”، و”الحمار”، و”الفهود”، و”الجبايش”.
وأوضح أن حياة الناس تعتمد بشكل أساسي على تربية الجاموس والأبقار وصيد الأسماك، وهم يعيشون في بيوت من القصب المحصود من حواف الأهوار.
ونوه إلى أن الكارثة البيئية هذه تُهدد حياة الناس الذين يقطنون أماكن بعيدة نسبياً عن الأهوار ويعتمدون على نهر الفرات، ويعانون من أزمة خانقة في انقطاع المياه.
والأهوارهي مجموعة المسطحات المائية التي تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي وتكون على شكل مثلث، وتقع قرب مدن العمارة والناصرية والبصرة.