صفاته2من اصل33

صفاته2من اصل33

صفاته2من اصل33
صفاته2من اصل33

بل لعله أعضل فهما منهم في كثير من الأحيان. فالعظمة على كل حال ليست بالمطلب اليسير لمن يبتغيه، وليست بالمطلب اليسير لمن ينفذ الى صميمه ويحتويه.

إنما الأمر الميسور في التعريف بهذا الرجل العظيم أن خلائقه الكبرى كانت بارزة جدًا لا يسترها حجاب. فما من قارئ ألم بفذلكة صالحة من ترجمته الا استطاع أن يعلم أن عمر بن الخطاب كان عادلًا، وكان رحيما، وكان فطنا وكان وثيق الايمان عظيم الاستعداد للنخوة الدينية..

فالعدل والرحمة والغيرة والفطنة والايمان الوثيق صفات مكينة فيه لا تخفى على ناظر، ويبقى عليه بعد ذلك أن يعلم كيف تتجه هذه الصفات الى وجهة واحدة ولا تتشعب في اتجاهها طرائق قددا كما يتفق في صفات بعض العظماء. بل يبقى عليه بعد ذلك أن يعلم كيف يتمم بعض هذه الصفات بعضا حتى كأنها صفة واحدة متصلة الأجزاء متلاحقة الألوان..

وأعجب من هذا في التوافق بين صفاته أن الصفة الواحدة تستمد عناصرها من روافد شتى ولا تستمدها من ينبوع واحد. ثم هي مع ذلك متفقة لا تتناقض، متساندة لا تتخاذل، كأنها لا تعرف التعدد والتكاثر في شيء.

خذ لذلك مثلًا عدله المشهور الذي اتسم به كما لم يتسم قط بفضيلة من فضائله الكبرى.. فكم رافدة لهذا الخلق الجميل في نفس ذلك الرجل العظيم؟..

روافد شتى: بعضها من وراثة أهله، وبعضها من تكوين شخصه، وبعضها من عبر أيامه، وبعضها من تعليم دينه.. وكلها بعد ذلك تمضي في اتجاه قويم الى غاية واحدة لا تنم على افتراق.

لم يكن عمر عادلًا لسبب واحد بل لجملة أسباب:

كان عادلًا لأنه ورث القضاء من قبيلته وآبائه، فهو من أنبه بيوت بني عدي الذين تولوا السفارة والتحكيم في الجاهلية، وراضوا أنفسهم من أجل ذلك جيلًا بعد جيل على الانصاف وفصل الخطاب، وجده نفيل بن عبد العزى هو الذي قضى لعبد المطلب على حرب بن أمية حين تنافرا اليه وتنافسا على الزعامة.

m2pack.biz