صفاته6من اصل33

صفاته6من اصل33

صفاته6من اصل33
صفاته6من اصل33

فلا نستغربها في جميع تفصيلاتها إلى حين تطرأ عليها المبالغة التي تتسرب إلى كل خبر من أخبار البطولات المشهورة، وذلك أن يقسو عمر على ابنه تلك القسوة التي يوجبها الدين ولا تقبلها الفطرة الانسانية، فيقيم عليه الحد وهو ميت، أو يعرضه للموت من أجل حد أقيم.

هذا هو الغريب الذي استوقفنا فأنكرناه، ومضينا في تمحيصه فطابق التمحيص ما قدرناه. أما سائر القصة فلا غرابة فيه من كل نواحيه، بل هو من القصص التي يستعبد فيها التلفيق والاختراع.. إلا أن يكون الملفق من حذاق الرواة ومهرة الوضاع.

ولو كان المصدر واحدًا معروفا بالحذق في القصص لحسبناها من وضعه وتلفيقه.

ولكنها سمعت من غير مصدر موثوق به، فهي أقرب إلى الواقع فيما يشبهه ويجري مجراه.

فعبد الرحمن بن عمر يذهب إلى الوالي لأنه شرب شيئًا ظنه غير مسكر فإذا هو قد سكر منه، ولا مناص من اقامة الحد عليه والا رفع الأمر الى أبيه.. هي شنشنة عمرية لا لبس فيها، وهو ابن عمر لا مراء.

والوالي.. من الوالي؟.. عمرو بن العاص الذي لا خفاء بدهائه ولا ببعد حسابه، فهو يتريث بادئ الأمر ويحاول أن يصرف الفتى إذا طاب له الانصراف دون أن يقيم الحد عليه.. وهي أيضًا شنشنة لا غرابة فيها. فمن يدري؟. ألا يجوز أن يصبح هذا الفتى أخًا للخليفة أو مدبرًا للسلطان معه في يوم غير بعيد؟

والخليفة يدري بالأمر فيهوله، ويستكبر أن يخفيه عنه واليه فلا يصل اليه نبأه من قبله، وهو ما هو في تحرجه من تبعة يحملها غافلا عنها، لحرص الولاة على تحري هواه وابتغاء رضاه؛ فيشفق أن يقع ابنه في معصية ثم ينجو من الحد الذي شرعه الدين، وهو مسؤول عن الولاة والحدود، ومسؤول عن ذويه الأقربين قبل سائر المسلمين.

كل أولئك كما قلنا سائغ لا غرابة فيه.

أما الغريب من عمر حقًا في معدلته وعلمه بالدين وكراهته رياء الناس فهو أن يتم على ابنه الحد وهو ميت.

m2pack.biz