طبيعة الوهم
1من اصل2
هل الوعي وهم؟ إن احتمال أننا ربما نكون مخطئين على نحو كبير فيما نعتقده بشأن عقولنا يظهر لنا بأشكال مختلفة: الإرادة الحرة وهم، والمسرح الديكارتي وهم، والذات وهم، وثراء عالمنا المرئي “وهم كبير”.
يجب أولا أن نكون واضحين في تحديد معنى كلمة “وهم”؛ فتعريف المقابل الإنجليزي لها في “قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية” هو كالتالي:
حقيقة أو حالة أن تكون مخدوعا أو مضللا بالمظاهر… فكرة أو اعتقاد خاطئ؛ أي خداع أو ضلال أو توهم.
وتعريفها في قاموس “وبستر” هو:
إدراك شيء موجود بالفعل بطريقة تجعلنا نسيء فهم طبيعته الحقيقية.
بعبارة أخرى، الوهم ليس شيئا غير موجود، وإنما هو شيء موجود ولكن ليس كما يبدو لنا.
أشهر أنواع الأوهام هي الأوهام البصرية التي من أمثلتها الشكل 4- 1. إن هذا النفق يعطي انطباعا بوجود رجل ضخم متوحش يطارد رجلا آخر مذعورا أقل حجما، في حين أن الاثنين في الواقع متساويان في الحجم. لقد نجح هذا الوهم البسيط في خداعنا لأننا نرى أن عمق النفق يتراجع، مما يعني أن أحد الرجلين يبدو بعيدا جدا عن الآخر؛ فتخلص الآليات التلقائية في الجهاز البصري إلى أن الشخص البعيد أكبر حجما من الشخص الأقرب إلينا. وفي هذا الوهم والعديد من الأوهام البصرية الأخرى، يمكننا معرفة كيف نجحت الخدعة في تضليلنا، وتذكير أنفسنا بضرورة ألا ننخدع بها ثانية، غير أن الانطباع البصري يستمر في خداعنا بأن هناك شخصا أكبر حجما من الآخر.
هل يمكن أن ينطبق شيء مماثل على الوعي بالكامل؟ فإن الادعاء لن يكون حينها أن الوعي غير موجود، وإنما ليسكما يبدو؛ يعني هذا أن أفكارنا البديهية بشأن الطريقة التي يبدو لنا بها الوعي يجب أن تكون خاطئة، ويجب أن نتخلص منها. حيث إننا نواجه لغزا كبيرا عند محاولة فهم الوعي، فقد تساعدنا تلك الفكرة.
ولتطبيق تلك الفكرة، يجب أن نبدأ من الطريقة التي يبدو لنا الوعي بها، ثم نفكر لماذا يمكن أن تكون خاطئة.