طريق الدعوات ليس هيناً ليناً
إن طريق الدعوات ليس هيناً ليناً. و استجابه النفوس للدعوات ليست قريبة يسيرة. فهناك ركام من الباطل و الضلال و التقاليد و العادات، و النظم و الأوضاع، يجثم على القلوب. و لا بد من إزاله هذا الركام. و لا بد من استحياء القلوب بكل وسيلة. و لا بد من لمس جميع المراكز الحساسة. و من محاولة العثور على العصب الموصل.. و إحدى اللمسات ستصادف مع المثابرة و الصبر و الرجاء. و لمسة واحدة قد تحول الكائن البشري تحويلاً تاماً في لحظة متى أصابت اللمسة موضعها. و إن الإنسان ليدهش أحياناً و هو يحاول ألف محاولة، ثم إذا لمسة عابرة تصيب موضعها في الجهاز البشري فينتفض كله بأيسر مجهود، و قد أعيا من قبل على كل الجهود! و أقرب ما يحضرني للتمثيل لهذه الحالة جهاز الاستقبال عند البحث عن محطة إرسال.. إنك لتحرك المشير مرات كثيرة ذهاباً و إياباً فتخطئ المحطة و أنت تدقق و تصوب. ثم إذا حركة عابرة من يدك. فتتصل الموجة و تنطلق الأصداء و الأنغام! إن القلب البشري هو أقرب ما يكون إلى جهاز الاستقبال. و أصحاب الدعوات لا بد أن يحاولوا تحريك المشير ليتلقى القلب من وراء الأفق. و لمسة واحدة بعد ألف لمسة قد تصله بمصدر الإرسال!
سيد قطب