فمحافظة المنيا كانت تتوسع في زراعة القطن خلال نهاية العقد الأخير من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بصورة أسرع من المحافظات الأربع الأكبر إنتاجاً للقطن ـ وهي الغربية والشرقية والدقهلية والبحيرة . وهذا التطور السريع في إنتاج القطن نتج من حقيقة أن محافظات مصر الوسطى والعليا جنت منافع التوسع في نظام الري بتأخير كبير عن محافظات المنيا ، حيث كانت المنيا آخر محافظات مصر الجنوبية حصولاً على نظام الري الدائم خلال العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر حينما تم تأسيس قناطر في محافظة أسيوط عام 1892 . ولعله من المدهش مقارنة النمو السريع لزراعة القطن في المنيا وملوي وهو المركز الوحيد في محافظة أسيوط الذي طبق فيه نظام الري الدائم ، مع غياب شبه كامل لزراعة القطن في محافظة أسيوط ككل .

أما الفرضية الثانية حول أسباب وجود عدد كبير من كبار ملاك الأراضي في المنيا من بين مساهمي بنك مصر أكثر من غيرهم من المحافظات الأخرى فترجع إلى حقيقة أن العديد من العائلات ذات النفوذ في المنيا أقامت علاقات وثيقة مع الشركات المساهمة العاملة في مجال استصلاح الأراضي . ونظراً لأن أراضي المنيا وبعض المناطق الأخرى في مصر العليا و الوسطى قدمت فرصة مثالية أمام هذه الشركات لإمكانية استصلاح أراضيها فقد تركز عمل العديد منها في هذه المناطق . وكان نتيجة أنشطة شركات استصلاح الأراضي أن زادت مساحة التعاملات بين عائلات كبار ملاك الأراضي في المنيا ورأس المال الأجنبي ، حيث كان المستثمرون الأوروبيون حريصين على ضم أعيا من الدوائر التي يعملون بها في مجالس إدارتهم ، وإن كانت هذه المناصب شكلية فقط ـ