ولا يوجد شك كبير في أن طلعت حرب وعدد آخر من مساهمي بنك مصر كانوا وثيقي الصلة بالبنك الألماني قبل مصادرته من قبل البريطانيين في 1914 . وقد جاءت هذه المصادرة لتعطي حافزاً جديداً للتحرك نحو تأسيس بنك وطني ذلك أنه مع إغلاق البنك الألماني وجد العديد من عملائه أنفسهم مهددين مرة أخرى بمواجهة نقص حجم الائتمان المتاح .
ولعل الأكثر أهمية في هذا الصدد هو النموذج الذي أرسته طريقة إدارة العمليات الذي قدمه بنك الشرق الألماني لبنك مصر ويحتوي ملف الخدمات الحكومية والتأمينات لطلعت حرب في مكتب السجلات الحكومية المصري على مفتاح الصلة بين البنكين وذلك من خلال العلاقة بين تأسيس البنك وعائلة سوارس ـ وهي عائلة يهودية محلية كانت فاعلة بشدة في مجال المضاربات واستصلاح الأراضي خصوصاً في محافظة المنيا . فقد حول طلعت حرب حسابه من بنك سوارس ( والذي كان يحول إليه معاشه من الدائرة السنية ) لبنك الشرق الألماني في 1906 . وقد اتبع البنك الألماني نمطاً ميز بعد ذلك طريقة عمل بنك مصر ، فقد ركز في عملياته على المؤسسات الصغيرة ـ كبنك سوارس ـ وعلى التعاون مع التجار والمضاربين العاملين في مجالات تجارة القطن والمضاربات على الأراضي وتقديم القروض الرهنية . ونظراً لتواجد مركزه الرئيسي في برلين وتواجده في الشرق الأوسط كشبه ممثل للإمبريالية الألمانية ، فلم يكن بنك الشرق الألماني مهتماً باتباع القواعد البنكية المثلى في مصر ، وإنما كان هدفه حرمان البريطانيين من أكبر قدر ممكن من سوق القطن المصري وتوسيع حجم النفوذ الألماني في مصر . وفي إطار محاولته اتباع نفس السياسات غير المطابقة للقواعد المالية السليمة لبنك الشرق الألماني ، قوض بنك مصر من استقراره المالي في عقدي العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين .