حيث أن اليهود كانوا مجتمعاً متماسكاً في مصر واستطاعوا الحفاظ على إثرهم الثقافي وكانوا يتمتعون بمصادر لرأس المال لم يتسن للمجتمع المصري الحصول عليها .
وقد عكست الكتابات الأولى لطلعت حرب ، والتي عمد فيها إل حث المصريين على عدم التخلي عن تقاليدهم ، قدراً من السذاجة لرجل لم يتمرس بعد بالشكل الذي يمكنه من الإلمام بصلب المنطق المحرك للإمبريالية الأوروبية . غير أن العمل مع العائلات عالمية الانتشار من البرجوازية اليهودية المصرية منحه فرصة الاقتراب بصورة أكبر من هذه الظاهرة . فتوصل لنتيجة مفادها أن على المصريين مراكمة رؤوس الأموال إذا ما رغبوا في مقاومة رأس المال الأجنبي وليتحاشوا وقوع حوادث أخرى من قبيل الانهيار الكارثي الذي وقع في 1907 . وخلافاً لمعظم قادة الحركة الوطنية المصرية في تلك الفترة ، تمكن طلعت حرب من الوقوف على العلاقات الأكثر أهمية ، وإن كانت أقل وضوحاً في شكلها الخارجي ، والتي تعبر عن تبعية مصر للغرب . فقد كان الاستقلال السياسي الرسمي لمصر هدفاً سامياً في حد ذاته ، إلا أنه لم يكن ليعني الكثير إذا لم تتمكن مصر من إحكام السيطرة على القوى الاقتصادية التي تتأثر بها . كما تمثلت قوة رأس المال أمام طلعت حرب في بزوغ نجم بنك الشرق الألماني والمؤسسات العديدة التي دعمها في مصر . وكذلك كان طلعت حرب واعياً بدرجة اليقظة والحرص التي أولاها لبريطانيون لتوسع نشاط رأس المال الألماني في السوق المصرية .