وبهذه الطريقة يكون طلعت حرب قد تبنى نظرة للعالم لم تختلف كثيراً عن تلك التي اعتنقها غيره من المفكرين المعاصرين له ، والتي تقضي بأنه على الرغم من التقدم التكنولوجي للغرب ، فقد التفت الغرب عن العديد من مؤسساته وقيمه التقليدية كالأسرة والدين . غير أنه إذا كان المجتمع العربي المسلم يسمو من الناحية الرحية عن الغرب ، فإن الفرد لا يجب أن يخلص من ذلك إلى ضرورة رفض الغرب كله بل إلى حقيقة أن العالم الإسلامي يستطيع التعامل مع الغرب على قدم المساواة .
وبالإضافة لكتاباته السياسية ، فقد كان طلعت حرب نشيطاً كذلك في السياسات الحزبية ، فعلى الرغم من ثناء مصطفى كامل على كتابات طلعت حرب عن المرأة والمجتمع الإسلامي في مقالة له في اللواء في عام 1900 ، فقد انقلبت العلاقة بينهما لحالة من العدائية الشديدة بحلول عام 1902 . وفي خطاب كتبه طلعت حرب لفؤاد سالم حجازي من لندن ، أنه غادر حرجته بالفندق عن عمد لتجنب الالتقاء بمصطفى كامل الذي أتى للقاء رفيقه في الرحلة ، حامد خلوصي . وبينما لم تتضح طبيعة الخلاف بينهما ، فإن حدة لهجة الخطاب ورفض طلعت حرب قبول توسط خلوصي لديه لمقابلة مصطفى كامل ، يرجحان أنه كان خلافاً شديداً .
إلا أنه في عام 1905 ، بدا أن العلاقات بين الطرفين قد تحسنت مع تراجع الخلافات بينهما وقيام مصطفى كامل بكتابة مقال في اللواء مهنئاً فيه طلعت حرب لكونه أول مصري يتم تعيينه في أهم شركتين في مصر ، وهما شركة أراضي كوم أمبو وشركة أراضي مصر . إلا أن هذا لم يثن طلعت حرب عن قبول دعوة أحمد لطفي السيد للانضمام لحزب الأمة الذي أسسه ، ثم انقطعت كل صلة له بالحزب الوطني في 1908 . وكان عمر سلطان مساهماً بارزاً في صحيفة الحزب الوطني اللواء ، الأمر الذي مكنه من تولي الأمانة المالية للحزب بالمقابل ، لكن مع ضغوط طلعت حرب ، أوقف عمر سلطان كل معوناته المالية للحزب في 1908 . هذا التصرف لم يكشف فقط عن مدى النفوذ السياسي الذي كان يتمتع به طلعت حرب في ذلك الوقت وإنما عن مدى تحكمه في أموال عمر سلطان كذلك .