ولم يقم العديد من ملاك الأراضي فقط بزيادة مساحة الأراضي المملوكة لهم وكذا ثرواتهم بشكل كبير ، وإنما قاموا كذلك بتحويل محاصيلهم من مجموعة متنوعة من محاصيل الإعاشة إلى محصول القطن فقط . ومع تراكم رأس المال لديهم ، أصبح عدد متزايد من ملاك الأراضي المحليين ملاكاً لأراضيهم عن بعد مع انتقالهم للإقامة في القاهرة والإسكندرية والمراكز الحضرية الأخرى . ومع تنامي وعيهم بمصالحهم المشكرة ، التي تركزت حول زراعة وتسويق القطن ، تكونت الصالونات السياسية . وترقى المركز الاجتماعي لملاك الأراضي المحليين كنتيجة لرأس المال المتراكم والنشاط السياسي المتزايد ، وهو ما تزامن مع عدم قدرة الطبقة الحاكمة التركية ـ الشركسية على الاستمرار في استيراد عبيد من الشراكسة ، وأدى ذلك لقيام مصاهرات بين الجماعتين وهو ما نتج عنه سقوط الفوارق العرقية التي كانت تفصل في السابق بين ملاك الأراضي من المصريين والشراكسة ـ الأتراك . وبهذا برزت طبقة كبار ملاك الأراضي من المصريين في القرن التاسع عشر ولديها حجم ضخم من رأس المال وبدرجة عالية نسبياً من التناغم الاجتماعي .
كما كانت إحدى نتائج نمو صناعة القطن هي ظهور شريحة من المصريين ذوي القدرات التقنية والذين وظفوا في مصالح الدولة المختلفة المسئولة عن إنشاء وتشغيل البنية التحتية . وقد وفر ظهور هذه الشريحة لبنك مصر وشركاته قاعدة اجتماعية يمكن أن ينتقي منها المهارات الإدارية . وكان العديد من الأشخاص البارزين في مجموعة شركات مصر مثل طلعت حرب وعبد الرحمن حمادة وغيرهما ممن انتموا لهذه الشريحة .
وبينما أثر انتشار رأس المال الأجنبي في ربوع مصر على طبقة التجار المحليين ، فقد خلق شراكة بين رأس المال الأجنبي وقطاعات معينة من طبقة ملاك الأراضي من المحليين . ومع ارتفاع أسعار وأجور الأراضي الزراعية وارتفاع أسعار القطن ، هرع ملاك الأراضي لزيادة مساحات ممتلكاتهم .