ففي حين تمكن طلعت حرب من إقناع عدد من كبار تجار القطن بالانضمام لمجالس إدارة البنك في الثلاثينيات ، فقد عارض التجار المؤيدين لحرية التجارة فرض التعريفات الجمركية التي كان البنك ينادي بها عندما تعمقت آثار الكساد الكبير نحو أواخر الثلاثينيات . وعندما يضيف المرء لهذه المعارضة معارضة عدد من العائلات المالكة للأراضي في الفترة نفسها ، فإنه يصبح جلياً أن الضغوط الكبيرة التي تعرض لها البنك قبل انهياره المالي كانت نتاجاً لهيكل الطبقات الاجتماعية المصري بدرج كبيرة .
وكان تأثير هيكل الطبقات الاجتماعية على بنك مصر ملموساً ليس فقط في علاقته بالطبقات العليا وإنما كذلك في صلته بالطبقات الوسطى . فإحدى نتائج النمو السكاني في مصر خلال فترة ما بين الحربين العالميتين ، إضافة إلى زيادة عدد الشباب المتعلم ، كانت ظهور طبقة من الموظفين ذوي الياقات البيضاء . ومع تزايد الصعوبات التي واجهتها هذه الشريحة في سبيل الحصول على وظائف ، لاسيما خلال فترة الكساد الكبير ، لجأت الحكومة المصرية لبنك مصر لمد يد العون . ولقد استغل البنك حقيقة أنه شغل عدداً كبيراً من الشباب المصري كسند في مطالبته للحكومة بالاستمرار في تقديم المساعدات له . غير أن البنك وجد نفسه مضطراً لتوظيف عدد أكبر من الموظفين يزيد عما يتطلبه العمل لديه ، وهو ما سبب ضغطاً لا مبرر له على موارد البنك . ولعله من المهم ملاحظة أن هذه المشكلة ذاتها عادت للظهور في القطاع العام الذي تشكل بعد 1956 .