وإذا كان والد طلعت حرب قد واجه مصاعب مالية خلال إقامته في ميت أبو علي ، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً ، فقد يكون من المحتمل أن هذه المصاعب قد انعكست على رؤى ابنه السياسية والاقتصادية . فعلى الرغم من أن طلعت حرب لم يعبر بأي طريقة مباشرة عن انتقاده للنخبة التركية ـ الشركسية الحاكمة ، فقد كان هذا الانتقاد متضمناً في كتاباته . فتعظيمه لانتصارات العرب الأوائل جاء مسايراً لتوجه عام لدى العديد من الكتاب الوطنيين المصريين بإلقاء اللوم على الأتراك والإمبراطورية العثمانية لتخلف الشرق المسلم . وأحد الانتقادات الضمنية لطبقة الأتراك ـ الشراكسة الحاكمة تضمنها كتاب طلعت حرب ” قناة السويس ” والمنشور عام 1910 والذي تضمن دعاوى حادة ضد تجديد عقد امتياز قناة السويس لمدة خمسين عاماً أخرى لشركة قناة السويس المملوكة للأجانب . فلم يتوقف الكتاب فقط عند انتقاد الخديوي عباس حلمي الثاني لقبوله فكرة تمديد عقد الامتياز وإنما امتد ليشمل الخديوين السابقين لتسهيل استيلاء الدول الأجنبية على حقوق مصر الوطنية . ونظراً لعدم قيام النخبة التركية ـ الشركسية السياسية بتوفير الحماية لا لقاطني القرى المصرية من الضرائب المجحفة ومن ممارسات مقرضي النقود الأجانب ولا للدولة من الإمبريالية الأجنبية ، فلم تشعر عائلة حرب سوى بالقيل من التعاطف مع حكام مصر .