أي أنه بدلاً من تجهيز الساحة لخلق رأسمالية ، فقد أدى قدوم رأس المال الأجنبي لأيرلندا إلى تراجعها الاقتصادي والاجتماعي . وقد تبنى هذا المذهب معظم الباحثين الماركسيين من دارسي ظاهرة التخلف ، لاسيما من بين أتباع مدرسة التبعية ـ والتي ترى أن التنمية الصناعية تعاق في معظم دول العالم غير الغربي بسبب سلب فوائض هذه الدول من قبل الدول الغربية الاقتصادية المتقدمة . وفي ظل هذا المذهب فإن الطبقة الحاكمة المحلية لا تناصب الرأسمالية الأجنبية العداء ، لأنهم ينتفعون من عمليات سلب هذه الفوائض ، ولذا فإنهم يفعلون ما بوسعهم من أجل استغلال موارد مجتمعاتهم كونهم ” شركاء صغار ” لرأس المال الأجنبي .
وكلا هذين المذهبين ـ المتفائل والمتشائم ـ يعرف نقطة البدء لعملية التحديث للدول الأقل نمواً بتلك التي يتم عندها دمجهم في السوق العالمية ، وكما سيتضح لاحقاً ، فالعملية التي تحول بموجبها مصر من اقتصاد مكتف ذاتياً إلى اقتصاد معتمد على السوق العالمية لبيع سلعة نقدية ، مهمة لفهم القوى الاجتماعية التي تكاتفت لإنشاء بنك مصر . وعلى الرغم من إمكانية استخدام التنميط الماركسي في تحليل المراحل الأولى من عملية التصنيع في مصر ، فإن أياً من مدرسة التبعية أو النموذج اللينيني لا يشمل العملية في مجملها . فعملية تأسيس البنك تقف على الخلاف من منظور التبعية المؤدي إلى تنامي المصالح بين البرجوازية الداخلية عند الأطراف ومثيلتها الأجنبية في المكز .