2من اصل3
منه عن وحدة العائلة. ويقدم شخصيات تنظر إليك مباشرة، يريد بها أن يستحضر للذاكرة الكثير من الروايات عما واجهة هؤلاء الأشخاص من عقبات جراء الهجرة القسرية، وفي عمل آخري صورة لوجه صبي مثقل بالتفاصيل الكثيفة التي تدل على مكوناته وأحلامه فيظهر متأملاً غارقًا في نفسه مع لمسة من الشجاعة، مشغولاً بكثير من الأفكار المتعلقة بترحاله ومستقبله المجهول، ولكن لا أثر لدمعة على وجهه الصغير. فاستحضر الأطفال ليجسدوا التشرد واللجوء وفقدان الأحبة والأهل وتكريس الحزن في نفوسهم كسمة أساسية من ملامحهم، معتبرًا أن تقديمه للأطفال دومًا في لوحاته ناجم عن إيمانه بأنهم القيمة الحقيقية لأي مجتمع وهم مستقبله وأمله.
وقد أثرت حالة التنقل التي عاشها بين دمشق ومصر ودبي في فنه، حيث تفرض كل مدينة حالة خاصة في العمل الفني ويتبدي صخبها وأسلوبها في الألوان والأفكار، ولكن تبقي دمشق هي الحاضر الدائم بألوانها وزواياها وتفاصيلها ورائحتها. فالفنان عرابي لم يغادر دمشق لضعف حبه لها أو هربًا منها إنما ليحملها معه إلى الآخرين ويقدمها في لوحاته مثلما هي جميلة ومحبة للحياة، ليس مثلما تصور كمدينة للموت. يقول: “غادرتها لأحدث الآخرين عن سحرها وليزداد حبي لها مع كل مدينة أزورها، بقيت في لوحاتي ومازلت أشم رائحة ياسمينها طاغياً على رائحة البارود”.