عادي !

عادي !

عادي !
عادي !

لو علمت أنه عادي لصار عادي ” .. بعض الناس يشعرون ببؤس كبير و يسردون لساعات طوال عن أمور تضايقهم ؛ تحزنهم ؛ تؤلمهم .. و بعد كثير استماع تجيىء جملة في وسط مليون جملة لأقول : ” عادي .. الكثير من الناس يشعرون تماما بمثل هذا الشعور ” .. فجأة تضرب الحمرة في وجه المستشير مبدلة صفرة الخوف و القلق .. و ربما يقذف سؤالا يبدو هاما جدا كخيط نجاة له : ” هل جاءك أحد بهذا من قبل ؟ ” .. و حينها استطرد ” طبعا .. المشكلة أننا نعتقد أحيانا حيااأحيانا أننا الشخص الوحيد الذي يمر بهذه المشكلة ” ..
هذه هي طبيعتنا الإنسانية ؛ بمجرد أن نشعر أن هناك من يشاركنا الطرح و الفرح ؛ من يشاركنا التباس الفهم و الوعي ؛ من يشعر ما نشعر به ؛ من يفكر بما نفكر به ؛ من يخطىء نفس أخطائنا.. حينها تهدأ بعض عواصفنا المؤلمة .. و ترتاح بعض أشجاننا الكامنة .. و لم لا ؛ فقد ظهرت بعد اختباء و انطلقت بعد كبت و عناء ..
كثير منا يحتاج لمن يريح ؛ و للحق هو أيضا باستماعه يستريح . فنحن بتحاورنا و تشاورنا نتبادل المشاعر في كلمات و سكنات ؛ و نتبادل الفكرة و الاستبصارات .. فتظهر لنا حين نتحدث أمور لم نرها من قبل ؛ و يبدو لنا – من بعد – ومضة قد تضىء لنا طريق و قد تخبو إن لم نلتقطها ..
الكلمات التي نقول حين ترهق نفوسنا هي أصدق الكلمات و إن وجدت من يستمع لها قد تكون فعلا فرصة الإنسان ليتعرف على نفسه ؛ و يلملم بعض أفكاره التي قد تكون – بل غالبا ما تكون – السبب الحقيقي وراء تعبه و همه .. فما يؤلم نفوسنا ليس إلا تلك الأفكار الكامنة بداخلنا و التي قد تحركنا دون أن ندري و دون أن نشعر و دون أن يتاح للكثيرين منا فرص حقيقية للتعرف عليها و الترحيب بها ؛ أو القذف بها بعيدا عن مسارات عقولنا و مجريات حياتنا ..
المهم أن تحدث هذه الفرصة للقاء أفكارك وجها لوجه .. و ربما الأهم أن تقابل من يخبرك ببساطة بجملة وسط كثير جمل : ” اطمأن .. ما تشعر به أمر عادي ” ..

m2pack.biz