علاقة المعايشة بين الأم والطفل 2 – 2
وإذا تركنا جانبا هذه الدراسة النظرية لذهن الطفل، فكيف لا نعجب بما يدور في نفوسنا من انفعالات وأحاسيس أمام مهده؟ لماذا نشعر أن طفلنا هو أجمل طفل في العالم؟ والعجيب في سبب هذا الحنان الغريزي، هو الأهمية التي نوليها لأفضل ما في الإنسان. ففي الوقت الذي يكون فيه الطفل بلا حماية على الإطلاق. نجد أنه يتربع على عرشه ويفرض سلطانه على من حوله. فهو يقدم الدليل على ما للضعف من قوة وسلطان. ألم يعد محور تفكير جميع أفراد الأسرة؟ فإلى جانب استجابات الأم التي تبدر عن دافع طبيعي، نجد أيضا أن تصرفات الوالد وكبار الأشقاء من بنين وبنات، إزاء المولود، تختلف عن تصرفاتهم وإنفعالاتهم حال ظهور طفل آخر.
وعندما يعتاد أحد الأطفال على التربع على عرش الأسرة، ثم يجد نفسه وقد خلع من هذا العرش فجأة، بعد أن كان المحور الوحيد لتفكير أبويه. وذلك بسبب قدوم مولود جديد. فإنه يحتاج عندئذ إلى فترة يتأقلم فيها على وظيفة الأخ الأكبر، الذي أصبح من واجبه القيام بها. ولذا فإن إشراكه في حماية المولود، وإفهامه أنه في حاجة إليه – وإلى الجميع – قد تساعده على اجتياز مرحلة من أصعب مراحل حياته.
ويتغير المولود يوما بعد يوم، وتطوره هذا، يمثل مشهدا من أكثر المشاهد جاذبية في نظر من يحبونه. ولكي نكتسب حبه ونزيد من حبنا له، يجب أن نتابع مجهوداته باهتمام ظاهر. كما يجب أن نعلم أن حاجته إلى القبلات واللمسات الرقيقة، لا تقل عن حاجته إلى الطعام والدفء. لكن حذار! فبين حب الطفل وتدليله حد واضح يجب ألا نتخطاه. إذ أن العادات السيئة تكتسب بسرعة مذهلة عند الأطفال.