عمر والنبي3من اصل23

عمر والنبي3من اصل23

عمر والنبي3من اصل23
عمر والنبي3من اصل23

وحجته الأولى في ولايتها أنه أكفأ المسلمين لها غير مدافع، وانه كما قال: “لو علمت أن أحدًا أقوى مني على هذا الأمر لكان أن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أليه”.

نعم، هذا هو عمر أقدر المسلمين كما يعلم، وهو عمر الذي يستصغر نفسه إذا نظر الى المثل الأعلى والقدوة الفضلى، وهو إذن أكبر ما يكون بهذا الاستصغار..

لقد كان يسمع، وهو خليفة، يقول كالساخر وما هو بساخر: “بخ بخ يا ابن الخطاب. أصبحت أمير المؤمنين!..”

أكان يقولها لأنه كان يجهل أنه أكفأ العرب للخلافة بعد صاحبيه؟.. كلا.. بل كان يقولها لأنه يعرف النظر إلى المثل الأعلى.. يعرف الاعجاب بما فوقه. يعرف محمدًا ويعرف أن اللحاق به أمل لا يطال. يعرف الاعجاب بطلًا معجبًا ببطل، ويشاء فضله أن تحصى له هذه بين أصدق شواهد البطولة فيه.

ومن الخطأ أن يتوهم المتوهم أن عمر كان يتصاغر لأنه يشعر بصغره، ويتواضع لأنه يشعر بضعة فيه.

إن الصغير لا حاجة به إلى التصاغر لأنه صغير، وربما كانت حاجته الكبرى إلى مدارارة شعوره الدخيل بتفخيم الرواء وتزويق الطلاء والتخايل بالمسكن والكساء..

وإنما كان عمر يتصاغر لأنه يشعر بعظمته ويكبح ما يخامره من اعتداد بنفسه، ومحال أن تمتلئ نفس بمثل هذه القوة ثم تخلو من شعور بقوتها واعتداد بقيمتها، فليس ذلك من معهود الطباع في حي من الأحياء، ولا نقصر القول على الانسان.

ولهذا كان عمر يتصاغر على قدر ما يراه من بواعث الكبرياء، لا على قدر ما يراه من بواعث الصغر، فأبى أن يركب البرذون وهو يغالب عزة الفتح داخلًا إلى الشام دخول المنتصر، وقيل له في ذلك فصاح بهم: خلوا سبيل جملي!.. إنما الأمر من ها هنا، وأشار إلى السماء.

وكلما اعتز من حوله، من خاصة أهله وخلصاء رعاياه، بما يرونه فيه من بسطة السلطان وعلو الكلمة غض من اعتزازهم وأحضر في أذهانهم ما ينسيهم السلطان المبسوط والكلمة العالية،

m2pack.biz