ليس للآراء ما للمعتقدات من ثبات، وقد تبلغ الآراء في تقلبها مبلغا يجعلنا نظن أنناقادرون على تقويمها بسهولة، والواقع خلاف ذلك.إن الطريقتين اللتين تتبادران إلى الذهن في إصلاح الآراء وتقويمها هما العقلوالتجربة، وقد رأينا أنه لا تأثير للعقل في المعتقدات الراسخة، وسنرى الآن هل يؤثرأحيانا في الآراء البسيطة بتأثيره الضعيف، وسنرى أنه لما دلت المعرفة على عدم كفايةالعقل لإضاءة نور الحقيقة ظهر نظامان سياسيان صارت إليهما جميع الحكومات فيالأمم منذ بداءة التاريخ.
ولكن إذا كان العقل لا يكفي لإصلاح آرائنا فبأي شيء نبصر الحقيقة في عالمالسياسة والأخلاق والاجتماع؟ سأبين في الفصل الآتي أنه ليس عندنا لإدراك ذلك سوىطريقة واحدة؛ أعني التجربة. فلنبحث الآن عن الشأن الذي عزي إلى العقل.