فيزياء مسلية إلى حد ما

فيزياء مسلية إلى حد ما

فيزياء مسلية إلى حد ما

المسننُّ الأول يدور، يقلبكَ خلفه ستدورُ أيضاً، لكن ليس باتجاهي هذه المرّة، وإلا: لماذا أنا مرمية هنا بلا حركة، وأنتَ موجودٌ في كل تلك الأمكنة معاً؟ تجرّك الواشماتُ صليباً على صدورهن كالخدَر، تدق وتبارك.. تقولُ صليبيات.
أهكذا يتحدثُ المرء المتمدن؟ وأنا حتى الآن مازلتُ عالقةً بشللي هذا، في غرفةٍ من فيلم قديم مع تسعة شبان وتسع فتيات اختطفهم الفاشيون في إيطاليا، فيها عازفة بيانو وعاهرة ستينية تسردُ كل تفاصيل علاقاتها مع العسكر، على فكرة: كان من الممكن أن أكون عازفة بيانو مهمة أيضاً، ولكن كيف.. كيف كان يتوجب عليّ أن أفهم على أستاذ البيانو الروسي؟ لا يعرف من العربية سوى كلمتين: ‘موش لازم، وأوش لازم’كنتُ قد بكيت.
بكيت لم أعرف أنّه قصد أن يمدح المقطوعة التي تعبتُ وأنا أتدرب عليها حين قال: ‘أوش لازم’ بوجهه البارد، ظننته يوبخني، لا أستطيع فعلَ أكثر، اكتشفت ذلك قبل آخر درس أن قصده كان برافو، كنت قد كرهت البيانو وذهب الأستاذ، متى سيتم اختراع المحرّك دائم الحركة؟ أغنية جوران التي أسمعها الآن لا أفهم كلماتها، هي حلوة لكنني لا أفهم عما يتحدثون، وأشكّ أنها شيء ما يشبه أغاني الغجر: تبدو درساً في الحب لمن لا يعرف الكلمات، قد يهديها واحدٌ ما لحبيبته.. في الحقيقة تكون كلماتها كالتالي: ‘زوجتي الجميلة، اكشفي للقاضي عن صدرك حتى لا أدخل السجن’ انكسرت قنينة على الأرض في ذات اللحظة التي حففت بها شعري في الجدار، هل يمكن أن صوتَ الشعر محفوفاً بالجدار هو صوت انكسار قنينة فعلاً لكنك لا تميز ذلك في النهار بسبب رنة الهاتف اليومية؟ أو: لعل صوت حف الشعر بالجدار هو الذي نظنه رنة هاتف وأن التلفون في الحقيقة يصدر صوتَ قنينة، وأن القنينة إذ ترتطم بالأرض، يصدر عنها في الحقيقة صوت أطراف الشعر محفوفة في حائط..
قاصة سورية

m2pack.biz